الأربعاء، 11 فبراير 2009

الهزيمة والانتصار

كتبهاصدقي البيك ، في 7 فبراير 2009 الساعة: 16:36 م
الهزيمة والانتصار

بقلم : صدقي البيك

منذ القدم كانت وما زالت تنشب حروب بين الشعوب والأمم، ويكون في هذه الحروب من يبدأ بها مهاجما الآخر، وله من وراء ذلك أهداف سيئة أو حسنة، بعضها رئيسي معلن أو مبطن، وبعضها ثانوي، وكذلك تتولد أهداف لدى من يُعتدى عليه، سواء اتخذ موقف القتال دفاعا أو امتنع عنه استسلاماً، حسب قوته وضعفه، وهو في الحالتين حريص على تحقيق أهدافه هذه.
وفي حالة امتناعه عن القتال يكون قد حقق أهدافه حسب ظنه، ويكون العدو المهاجم قد حقق كل أهدافه يقيناً.
وأما إذا اختار القتال ونشبت الحرب بين الطرفين وانتهت، فهناك احتمالان لنتيجة الحرب:
1- فإذا تحققت أهداف المهاجِم فقد انتصر، واعتُبر المعتدى عليه خاسراً، مهما كثرت أو قلت تكاليف الحرب ونفقاتها المادية والبشرية، على كلا الطرفين.
2- وأما إذا لم تتحقق أهدافه الرئيسية من هجومه فهو خاسر، ولو لم يخسر مادياً أي شيء. وفي هذه النتيجة يكون الطرف المعتدى عليه منتصراً مهما كثرت تضحياته المادية والبشرية؛ لأنه كان من المحتمل أن يحقق العدو أهدافه على رغم بذل كل هذه التضحيات فتكون حينئذ الهزيمة من نصيب المعتدى عليه.

وعوامل الانتصار أو الهزيمة كثيرة، أهمها: قوة إيمان المقاتلين بأهدافهم التي يسعون إلى تحقيقها، وطاعة الجند لقادتهم في تنفيذ خطط القتال، والعدد، والعتاد، والتدرب، ورسم الخطط، و…فوجود هذه العوامل يؤدي إلى النصر، وانتفاؤها يؤدي إلى الهزيمة.
هذا من حيث الواقع البشري للحروب عبر التاريخ.

وإذا بحثنا في القرآن الكريم عن كلمات النصر والانتصار والغلبة والهزيمة، وجدنا عاملاً جديداً يساعد بشكل أساسي على النصر، وهو أن النصر من عند الله، وأن الله يؤيد بنصره من يشاء، و”إن ينصركم الله فلا غالب لكم”. وهذا يعني أن عوامل النصر السابقة، قد تضطرب وتختل فلا تؤدي إلى ما كان يُتوقع منها، لوجود عوامل خافية على المعنيِّين، “كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله”… ويبقى في الإسلام أنه لا بد من إعداد العدة والتدرب على استعمال السلاح ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم”.
وإذا رغبنا في أن ندرك مفهوم النصر في الإسلام، وجدنا أن الله تعالى يضع مظهرين لنصر المؤمنين: مظهراً أخروياً، يتمثل في مكافأة كل من يشارك في القتال في سبيل الله سواء قتل أو لم يقتل في ذلك القتال “… يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم”. وهذا النوع من النصر من نصيب المؤمن المقاتل سواء استشهد أو انتصر ” ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يَغلِب فسوف نؤتيه أجراً عظيما”.
والمظهر الثاني للنصر دنيوي يحدده الله بقوله: ” وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب…”.
وإذا استعرضنا الأحداث والمعارك التي كافأ الله عليها المؤمنين بأحد هذين المظهرين من مظاهر النصر وجدنا:
1- نصراً من غير اشتباك حربي، يظهر في حادثتين هما:
أ- في سورة البروج، فقد غُلب المؤمنون على أمرهم واعتقلوا وسيقوا إلى الأخدود المؤجج بالنار، وقُذفوا فيه واحترقوا جميعا حتى الطفل الرضيع الذي أنطقه الله فقال لأمه: اصبري يا أماه فإنك على حق، ثم بيّن الله تعالى مكافأة المؤمنين الصامدين على إيمانهم الصابرين على هذا التعذيب والقتل” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير”، وبيّن عاقبة أعدائهم ” …فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق”. فأي تسلية وطمأنة وراحة نفس يجدها من يتعرض للتعذيب والقتل اللذين لا يقدر على دفعهما عن نفسه لضعفه أمام جبروت الطغاة أعظم من أن تبشره بأن له هذا الأجر الكبير!! إنه نصر أُخروي يتضاءل أمامه كل نصر دنيوي!
ب – أما الحدث الثاني الذي لم يصاحبه اشتباك حربي فقد كان أصرح، وفيه نصر دنيوي أيضاً سابق للنصر في الآخرة، وذلك في قول الله تعالى عن رسوله عليه السلام: “إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا …” فهذا نصر من غير مقاتلة عسكرية يشارك فيها الطرف المنتصر، ولا دم مراق ولا خسائر بشرية ومادية فادحة أو خفيفة!! فقد مكر المشركون بمحمد عليه السلام ليقتلوه وجهزوا من كل قبيلة أو فرع من قريش شاباً معه سيف ليضربوا محمدا ضربة رجل واحد فيقتلوه فيضيع دمه في القبائل… ويخرج النبي عليه السلام متخفياً ويلجأ إلى الغار … فأيده الله بنصره وبجنود لم تروها! فكانت هذه النجاة نصراً مؤزراً.
2- وهناك نصر حصل، بعد قتال اختلت فيه العوامل المادية للنصر من عَدد وعُدد وعتاد، وإيمان واقتناع بالأهداف، وكانت النتائج نصراً، كما وصفها الله تعالى:
أ- ففي بدر قال الله تعالى: ” ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة…”، عدد قليل يقدر بثلث عدد المشركين، وقلة في العتاد لا تقبل الموازنة: فرسان وستون درعاً وسبعون جملاً في جيش المسلمين، مقابل ستين فرساً وستمائة درع ومئات الإبل في جيش المشركين، ومع كل هذا التفاوت في العدد والعتاد انتصر المسلمون، وقتلوا سبعين من المشركين وأسروا سبعين، واستشهد من المسلمين 14 رجلاً.
ب – وفي غزوة أحد، ومع اختلال التوازن في العدد والعتاد، تمكن المسلمون في بداية المعركة من هزيمة المشركين ” ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسّونهم بإذنه…”، ولكن التنازع وعصيان الرماة لأوامر الرسول قلب مجريات المعركة، فخسر المسلمون سبعين شهيداً مقابل 14 من المشركين. وقد وجب أن يخسر المسلمون بسبب عصيان بعضهم لأمر الرسول، فلو انتصروا مع هذا العصيان لما بقي أهمية لطاعة الرسول في ما يأمر؛ فعصيان أمر الرسول كان أكبر عامل في الهزيمة، وقد يقاس عليه عصيان أوامر قائد الجنود في المعارك، لأن التصرفات الفردية أو الفئوية قد تقلب النصر هزيمة.
جـ - وما جرى في غزوة حنين قريب من ذلك باختلاف النتائج؛ بسبب تبدل العوامل، فقد فوجئ المسلمون بكمين هوازن وبني هلال وبني عوف بن عامر، وكانوا قد أعجبتهم كثرتهم! فلم تغن عنهم شيئاً فولوا مدبرين، ولكن ثبات الرسول واستجابة الصحابة لندائه قلب مجريات المعركة، فصمدوا وقتلوا وأسروا وغنموا من العدو ما لا يحصى، وقال الله في ذلك: “لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين..”.
3- وهناك نصران للمسلمين تحققا مع قلة القتلى من المشركين:
أ‌- النصر في غزوة الأحزاب. فقد تجمعت قوى قريش وغطفان وبني قريظة وقيادة بني النضير من اليهود وحاصروا المدينة ” إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً”، ويئس المنافقون وأرجفوا. أما المؤمنون، فعلى رغم الضائقة والشدة التي كانوا فيها، “قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليما” وهذا الإيمان والثبات والثقة بنصر الله هي عوامل النصر الأساسية؛ لذلك جزى الله الصادقين بصدقهم ” ورد الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال”، ” وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا”. وتحقق هذا النصر مع أن الشهداء كانوا ستة والقتلى من المشركين كانوا ثلاثة! وقد عبر الرسول عليه السلام عن هذا النصر بقوله: الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم.
ب‌- وكذلك كان فتح مكة، مع قلة عدد القتلى، نصراً عظيماً ذكره الله تعالى بقوله: “إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا”.
وقد ذكر الله تعالى أن النصر الذي كان يؤيد به رسوله والمؤمنين، كان يسبقه ضائقة شديدة وزلزلة عظيمة وبأساء وضراء فقال: ” حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا” وقال: ” فصبروا على ما كُذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا” و”أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب” فما كان النصر يأتي إلا بعد تضحيات بالأرواح والأموال.

أين حرب غزة منهما؟

انتهت حرب غزة بعد اثنين وعشرين يوماً من الصمود، وتوقف القتال وإطلاق النار وانسحب الجيش الإسرائيلي على عجل قبل أن تنتهي مدة الأسبوع التي حددتها حماس للالتزام بوقف إطلاق النار! وقامت الدنيا ولم تقعد لدى بعض الكتاب في الصحف العربية العلمانية، وانقسم الناس والكتاب فريقين لا ثالث لهما:
فريق يغلب عليه التمسك بالإسلام وبالفكر الإسلامي الحركي، وتحركه عقيدته وعاطفته نحو من يشاركه في إيمانه وأفكاره، ويدعم هذا الفريق ذوو التوجه الوطني الحقيقي، وأصحاب النخوة العربية، وحملة الروح الإنسانية من أحرار العالم غير المسلم ، ويرى هؤلاء أن النتيجة كانت هزيمة للصهاينة ونصراً للمجاهدين في غزة بقيادة حماس وقواتها المقاتلة.
وفريق يغلب عليه الفكر العلماني والإلحاد المبطن لدى بعض العرب وأصحلب الأقلام الحاقدة على الفكر الإسلامي، والذين باعوا أوطانهم بأبخس الأثمان وحقدوا على المقاتلين من أهل فلسطين، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، ويجمع بين أفراد هذا الفريق تغليب الهوى والكراهية. ويصدق عليهم ما تمناه الأعشى في الجاهلية بقوله:
لو أن كل معدٍّ كان شاركنا في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف
لقد وقف هؤلاء بعيدين عن مشاركة إخوانهم في الوطن واللغة و”الدين كما يُقالّ” والمصيبة، يسفـّهون ما يقوله السابقون من نصر أحرزوه، فما ضرهم لو شاركوا؟ وما ضرّهم لو سكتوا؟ نعم لو شاركوا أو سكتوا لضرّهم ذلك كثيراً!! كيف؟ إنهم يرون بقبول فكرة النصر هزيمة لا لإسرائيل وحدها بل هزيمة لفكرهم العلماني الإلحادي الذي يضادّ الفكر الإسلامي ولا يربطه به رابط، ويفصلهم عنه الحقد عليه والكراهية له، حتى كان كثير من هؤلاء يتمنى في قرارة نفسه، أو يصرح بلسانه، ألا تخرج حماس من هذه المعركة منتصرة (وذلك قبل توقف القتال) .
وندع هذا الاصطفاف في هذين الخندقين المتمايزين جانباً، ونعود إلى البحث عن موقع الهزيمة والانتصار من حرب غزة ونتائجها على ما قدمناه من مفاهيم النصر والهزيمة. ونذكـّر أن إسرائيل هي التي شنت هذه الحرب الهوجاء على قطاع غزة، بعد سنوات وأشهر من الاحتلال، والحصار المقنن الذي يشد فيه أزرها آخرون بحجج واهية، واستعملت قوة عسكرية ضخمة تتمثل بمئات الطائرات والدبابات والمدافع والقطع البحرية والصواريخ وآلاف الغارا ت الجوية وآلاف الأطنان من القذائف، وآلاف الجنود المحمولين في الناقلات والمدججين بأحدث الأسلحة وأفتكها.
وقد حددت إسرائيل لحربها هذه أهدافاً رئيسية صرحت بها على ألسنة أولمرت وليفني وباراك، ومن أهمها القضاء على حماس وكتائب القسام، ومنع إطلاق الصواريخ، وإبعاد حماس عن حكم القطاع، (وتسليمه لرئيس السلطة ورجال أمنه الذين احتشدوا في العريش مع قائدهم دحلان)، وكان المتحدثون باسم رئيس السلطة يبشرون أهل غزة بقرب عودة الشرعية (حكم السلطة) إليهم، بعد بدء الغارات الجوية الإسرائيلية.
هذه هي أهداف الفريق المعتدي البادئ بالحرب وأهداف من يتحرك خفية وراء دباباته، سواء أكان هذا العدو مستفزاً بذرائع واهية، أو غير محتاج إلى الاستفزاز
أما أهداف الفريق الآخر، وهو حماس ومن وقف معها في خندق القتال من الفصائل الإسلامية والوطنية، وقد شنت عليه الحرب وهو في حصار، وهم بالمناسبة مدعومون بأكثر من نصف سكان غزة (تشهد على ذلك نتائج انتخابات 2006)، وهذا يعطيهم الحق أن يتكلموا باسم سكان القطاع… أما أهداف هذا الفريق فتتمثل بالصمود في وجه الحصار والدمار، وعدم الاستسلام ، وإيقاع أكبر ما يستطيعونه من خسائر بشرية في صفوف جيش العدو، وأسر بعض جنوده، وأن يضطروه إلى الانسحاب ورفع الحصار.
وأخيراً، وبعد 22 يوما انتهت الحرب، وأوقف العدو إطلاق النار من طرف واحد، وبدأ بسحب جنوده من المواضع التي تسللت إليها دباباته قبل انتهاء مهلة الأسبوع التي حددتها المقاومة لتوقفها عن إطلاق النار!
أمَا وقد حدث ذلك فلا بد أن يكون أحد الطرفين المتقاتلين قد حقق أهدافه، فيحق له أن يدّعي أنه انتصر.
فهل حققت إسرائيل أهدافها التي أعلنتها والتي أضمرتها؟
هل قضت على حركة المقاومة الإسلامية حماس؟
هل قضت على كتائب القسام أو غيرها من كتائب الفصائل؟
هل دمرت الصواريخ (العبثية) أو منعت إطلاقها؟
هل تمكنت من إضعاف حماس وإبعادها عن حكم القطاع؟
هل بقيت إسرائيل في الأراضي الزراعية والأطراف التي وصلت إليها دباباتها؟
هل فتحت الطريق أمام جحافل أجهزة الأمن التابعة لسلطة عباس؟
هل تحققت بشريات مستشاري عباس لأهل غزة بعودة ( شرعية السلطة) إليهم؟
هل دخلت هذه الأجهزة ومعها شاحنات الغذاء المتبرع بها بعد أن حجزتها لها إسرائيل لأيام في معبر العوجا لتقول لأهل غزة: ها نحن نقدم إليكم الطعام بعد أن جوّعتكم حماس؟
وهل عثرت القوات الإسرائيلية على الأسير شاليط حياً أو ميتاً لتطوي بذلك صفقة تبادل الأسرى التي ترى فيها إذلالاً لها؟
وأخيراً هل أيد العالم الغربي بجماهيره هجوم إسرائيل على غزة (دفاعاً عن نفسها)؟
وهل نجحت إسرائيل في جعل الجماهير العربية تقف في صف حكامها الصامتين أو المنددين بحماس والمتمنين جهراً أو سراً ألا تخرج حماس من هذه الحرب منتصرة؟
فإذا كانت الإجابات عن كل هذه الأسئلة بالنفي، فهل يسوغ لإسرائيل أن تدّعيَ أنها انتصرت لأن خسائرها البشرية لم تتجاوز عدد أصابع اليدين والرجلين ؟
وإذا ساغ لها ذلك فهل يليق بالممسكين بالأقلام والقابضين على حناجر الإذاعات والتلفزيونات العربية أن يُضفوا على الجيش الإسرائيلي وانسحابه من طرف واحد بعد عجزه عن الدخول إلى الزوايا الخطيرة في قلب مدن ومخيمات وقرى قطاع غزة…صفةََ الانتصار؟
وإذا كانت الإجابة عن هؤلاء بالنفي أيضاً أفلا يحق للمراقبين أن يقولوا: لقد انهزمت إسرائيل إذ لم تحقق أي هدف من أهدافها؟!

وأما حماس وفصائل المقاومة فهل حققت أهدافها من وقوفها في وجه القوات الصهيونية؟
أصمدت أم استسلمت؟ أبقيت 22 يوماً تتلقى الضربات ولا تنحني أم سارعت إلى رفع الرايات البيضاء حباً في حفظ حياة قادتها وأعضائها؟
أقدّمت ضحايا من مقاتليها وقادتها وأفرادها ومناصريها أم حرصت على حياتهم وعلى المباني؟
أكان الشهداء من عامة الناس فقط ونجا أعضاء الفصائل أم كان معظم هؤلاء الشهداء والجرحى من شعبها الذي منحها ثقته بها في الانتخابات السابقة، وتماسك معها على رغم عنف القصف الإسرائيلي؟
أوقع أسير من مقاتلي الفصائل في أيدي الصهاينة؟
ألم تتمكن حماس من أسر ثلاثة جنود إسرائيليين في عمليتين فآثرت إسرائيل أن تقتل جنودها بيدها فتقصف بالطائرات إحدى المجموعتين وتهدم المبنى على المجموعة الأخرى بالجرافات؟
أفُرض عليها وقف إطلاق النار أم أقدم العدو على وقفه من طرف واحد بعد يأسه من الدخول إلى وسط المدن والمخيمات والقرى؟
وهل التزمت الحكومة الشرعية المقالة والمقاومة بأية شروط وقيود حين أعلنت موافقتها على وقف إطلاق النار؟
أبقي عملاء العدو الخونة يعيثون في القطاع فساداً أم تصدت المقاومة لكثير منهم فاعتقلتهم وقضت عليهم كما اعترف بذلك العدو؟
ألم تحفظ الأمن الداخلي كما حفظت أواسط المدن والمخيمات من وصول القوات الصهيونية؟
ألم تـُبق الزمام بيد الحكومة الشرعية التي نالت ثقة المجلس التشريعي، وتطوح بأوهام العملاء من مستشاري رئيس السلطة الذين بشروا أهل غزة بعودة الشرعية (حكومة فياض غير الشرعية التي لم تحضر جلسة طلب الثقة أصلاً) إلى القطاع خلف الدبابات الصهيونية؟
ألم تحفظ القطاع من عودة قطعان أجهزة الأمن التابعة للسلطة إليه ليعيدوا إليه الفساد والفوضى؟
وإذا عرفنا إجابات هذه الأسئلة الصادقة التي يؤكدها الواقع أفلا يحق لنا نحن الداعمين والمتعاطفين والمتظاهرين في مدن العالم العربي والإسلامي وأحرار العالم الغربي من نيوزيلندا إلى تشيلي ( هل بقي دولة لم تخرج فيها تظاهرات تناصر غزة والمدافعين عنها؟) … أفلا يحق لنا جميعاً أن نقول من أعماق قلوبنا وبملء أفواهنا:
لقد انتصرت حماس، لقد انتصرت حماس!!

نعم، قلناها، ونقولها، وسنقولها، ثم نقول: موتوا بغيظكم يا عملاء الصهاينة وستعلمون أي منقلب تنقلبون.