السبت، 16 ديسمبر 2017

المسلمون وتحديد أوقات الصلوات

المسلمون وتحديد أوقات الصلوات

فرض الله تعالى على المسلمين  خمس صلوات في اليوم والليلة، وقد عين اسمي اثنتين منها في القرآن الكريم: (... مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ....). النور: 58. ووصف واحدة منها بـ"الوسطى":
(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ). البقرة: 238
 كما حدد أوقاتها في بضع آيات أخرى  فقال :
(فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)  النساء/103.
(أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا). الإسراء: 78- 79.
(فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى). طه:130.
(فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُود). ق:39-40
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ). هود: 114.
(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ). غافر: 55
والآيات تحدد أوقاتها بـــكلمات {دلوك الشمس، وغسق الليل، وقبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، وطرفي النهار، وزلفا من الليل، والعشي، والإبكار} وخصص "ومن الليل" لصلاة التهجد وهي نافلة.
(والإبكار: أول النهار إلى طلوع الشمس. والعشاءان: المغرب والعشاء). "الوسيط". (والعِشاءُ : أوَّلُ الظَّلامِ أو من المَغْرِبِ إلى العَتَمَةِ أو من زَوالِ الشمسِ إلى طُلُوعِ الفجرِ. والعَشِيُّ والعَشِيَّةُ : آخِرُ النَّهارِ). القاموس المحيط. (والعَشِيُّ إِذا زالت الشَّمْسُ دُعِي ذلك الوقتُ العَشِيَّ، فَتَحَوَّلَ الظلُّ شَرْقِيّاً وتحوَّلت الشمْسُ غَرْبيَّة، وصلاتا العَشِيِّ هما الظُّهْر والعَصْر). لسان العرب.
 وهذا العموم في العشي وفي دلوك الشمس، أوقع المفسرين في الاختلاف بين من يأخذ الدلوك بمعنى الغروب، ومن يأخذها بمعنى الزوال عن كبد السماء، يقول في ذلك ابن كثير: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} قيل: لغروبها، قاله ابن مسعود وغيره، ويقول ابن عباس وغيره: دلوكها: زوالها.
ولكن، لمَ كل هذا الاضطراب وهذا الاختلاف عند المفسرين وأصحاب المعاجم ومن نقلوا عنهم، ما دام رسول الله ،e، قد حدد بداية وقت كل صلاة ونهايته؟! وكذلك عين الصلاة الوسطى.
فالبخاري  في حديثه 6033ومسلم في حديثه 205 (627) وأحمد في حديثه (1246) يروون عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ صَلَّيْنَا الْعَصْرَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ ،e،: شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى صَلاةِ الْعَصْرِ، مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ نَارًا.
وهؤلاء نصوا في هذه الأحاديث أن عليا يذكر أن الرسول ،e، صلاها وسماها، وحدد وقت وتاريخ قولها وصلاتها، في حين أن من ذكر غير ذلك ينتهي إلى قول أحد من الصحابة يصليها ويسميها بغير صلاة العصر، صبحا أو ظهرا أومغربا أو عشاء أو الجمعة أو الجماعة، أو الضحى أو الوتر!!!واجتهد بعضهم في تعليل اختياره بحجج شتى!!
ولماذا يقع التعدد والخلاف بين الفقهاء والمفسرين في تحديد بدايات أوقات الصلوات، مع أن رسول الله،e، قد حدد بدايات وقت كل صلاة منها ونهايته في أحاديث كثيرة، اتفق معظم من رووها على المضمون وإن انفرد بعضهم في بعضها؟!
فهناك تسعة على الأقل ممن جمعوا الأحاديث في كتب عرضوا الأحاديث التي تحدد هذه البدايات والنهايات، وهم: الترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن حبان، وأحمد، والطبراني، وابن خزيمة وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة؛ وستة منهم اتفقوا في الرواية عن ابن عباس وبعده نافع وحكيم وعبد الرحمن ابن الحارث، وانفرد النسائي, ومعه ابن أبي شيبة في روايته الأخرى، بالرواية عن أبي هريرة، وابن حبان عن جابر، والطبراني عن أبي مسعود الأنصاري.
وكذلك اتفق هؤلاء على المضمون بفعل الرسول ،e، وقوله:  (أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَه، ثُمَّ صَلَّى بِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ). برواية عبد الرزاق. وروايات الآخرين مماثلة تماما إلا ما كان من بعضهم من اختلاف لفظي غير مخلّ بالمعنى، وذلك كما يلي:
1-عند أبي داود: ورد تعبير ظله 3 مرات  (بالها) وليس قبل ذلك ما يعود إليه الضمير.
393 - حدثنا مسدد ثنا يحيى عن سفيان قال حدثني عبد الرحمن بن فلان بن أبي ربيعة . قال أبو داود هو عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس قال: قال رسول الله ،e،:" أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك وصلى بي العصر حين كان ظله مثله وصلى بي يعني المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء حين غاب الشفق وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل وصلى بي الفجر فأسفر ثم التفت إلي فقال يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين " . قال الشيخ الألباني : حسن صحيح
2-عند النسائي: ورد تعبير الظل مثله، الظل مثله، الظل مثليه، والضمير يعود إلى رسول الله ،e، وذلك لأنه يروي الحديث عن فعل الرسول،e، لا بقوله، فيعود الضمير إليه. وهذا حديثه:
 502 - أخبرنا الحسين بن حريث قال أنبأنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله ،e، : هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم فصلى الصبح حين طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا ثم صلى به الظهر حين كان الظل مثله ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل ثم قال الصلاة ما بين صلاتك أمس وصلاتك اليوم.
3-عند أحمد ورد في تحديد بداية العصر (ظل كل شيء مثليه ). وهذا لا يستقيم، فكيف تكون بداية ونهاية وقت العصر حين كون ظل الشيء مثليه؟! مع العلم أن عنده أحاديث أخرى: (..وَصَلَّى الْعَصْرَ حِينَ كَانَ الْفَيْءُ قَامَةً..). وهذا نص الحديث:
3081- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ،e : أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ ، فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَتْ بِقَدْرِ الشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ ، ثُمَّ صَلَّى بِي الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، هَذَا وَقْتُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ ، الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ.
4-والطبراني يروي الحديث عن فعل رسول الله لا بقوله. وهذا حديثه:
14137- حدثنا عَلِيُّ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بن عُتْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ ابن حَزْمٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ كَانَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيُّ، أَوْ بَشِيرُ بن أَبِي مَسْعُودٍ، كِلاهُمَا قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ ،e،:"أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ،e، حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، صَلِّ الظُّهْرَ، فَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، صَلِّ الْعَصْرَ، فَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، صَلِّ الْمَغْرِبَ، فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ الأَحْمَرُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُمْ فَصَلِّ الْعِشَاءَ، فَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، صَلِّ الصُّبْحَ، فَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَاهُ الْغَدَ وَظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُمْ فَصَلِّ الظُّهْرَ، فَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، صَلِّ الْعَصْرَ، فَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَقْتٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ صَلِّ الْمَغْرِبَ، فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُمْ فَصَلِّ، ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ أَسْفَرَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، صَلِّ الصُّبْحَ، فَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ".
5-وأغرب من ذلك ما ورد في مسند أبي يعلى:
2750 - حدثنا أبو خيثمة حدثنا الفضل بن دكين حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس: عن النبي ،e، قال : أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى الظهر حين زالت الشمس على مثل قدر الشراك ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء قدر ظله ثم صلى بي المغرب حين أفكر الصائم ثم صلى بي العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الفجر حرم الطعام والشراب على الصائم ثم صلى الظهر من الغد حين كان كل شيء في قدر ظله ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثلي ظله ثم صلى بي المغرب حين أفطر الصائم لوقت واحد ثم صلى العشاء حين ذهب ثلث الليل الأول ثم صلى الفجر لا أدري أي شيء قال : ثم التفت إلي فقال : يا محمد هذا وقت الأنبياء قبلك الوقت فيما بين هذين الوقتين. قال حسين سليم أسد : إسناده حسن.
فالتعبير (ظل كل شيء قدر ظله) فيه ركة، لا يقع فيها ابن عباس أو نافع أو حكيم أو عبد الرحمن أو سفيان، الذين ذُكروا في سند أحاديث آخرى!! كذلك تعبير ( كل شيء في قدر ظله)، كأن الذي يتغير هو الشيء لا الظل!!!  وإذا تقيدنا بحرفية النص الآخر عن نهاية وقت صلاة العصر(حين كان كل شيء مثلي ظله) فيكون معناه بدقة أن الظل يكون نصف قدر صاحبه، أي أن نهاية وقت الصلاة قبل بدايته بنصف المدة المحددة، وكيف يكون ذلك؟؟!!! وهذا من الأخطاء التي ترد في بعض الكتب ويمر عليها المخرّجون والمحققون من غير تشغيل عقولهم!!
6-وورد  في الموطأ حديث عن أبي هريرة هم:
1 - قال محمد بن الحسن : أخبرنا مالك بن أنس عن يزيد بن زياد مولى بني هاشم عن عبد الله (بن رافع مولى أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي ،e، عن أبي هريرة أنه سأله عن وقت الصلاة فقال أبو هريرة أنا أخبرك: صل الظهر إذا كان ظلك مثلك والعصر إذا كان ظلك مثليك والمغرب إذا غربت الشمس والعشاء ما بينك وبين ثلث الليل فإن نمت إلى نصف الليل فلا نامت عيناك وصل الصبح بغلس. والحديث موقوف على أبي هريرة، من غير ذكر فعل الرسول وقوله، وهو لا يتعرض لقضية بدايات الأوقات ونهاياتها، وهو يذكر، كما يبدو، نهايات أوقات الصلوات.
وتركت الكلام عن كتب أخرى ورد فيها حديث تحديد هذه البدايات والنهايات لما فيما ذكرته من غنية عنها، كالمستدرك للحاكم ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ومسند البزار و...
وبقي المسلمون يحددون هذه البدايات للصلوات اعتمادا على ما يجتهد في تحديده ورصده المؤذنون، وصنعت المزاول، ( والمزولة الشمسية هي أداة توقيت نهاري، تتكون من عدة نقاط وخطوط، رسمت على صفيحة عريضة مستوية على سطح الأرض، وفي وسطها عصا مستقيمة عمودية على سطح الصفيحة، أو عصا مستقيمة أفقية إذا كانت الصفيحة على جدار عمودي على سطح الأرض، ويتحدد الوقت من طول ظلها الناتج عن وقوع أشعة الشمس عليها، فتترك ظلا متحركا على النقاط والخطوط، وهي من أقدم آلات قياس الوقت لأن تاريخها يرجع إلى عام 3500 قبل الميلاد. وقد كتب عنها العالم الخوارزمي واستخدمها المسلمون قديما في المساجد لتحديد أوقات الصلوات، منقول من ويكيبيديا)، لتحدد وقت الزوال لأول وقت صلاة الظهر وأول وقت صلاة العصر.
وبعد انتشار الساعات الكبيرة التي تعتمد في حركتها على الرقاص في المساجد ثم انتشار الساعات المنزلية واليدوية التي تعتمد في حركتها على النوابض، صار المؤذنون أو الفلكيون يضعون جداول وتقاويم للصلوات الخمس معتمدين على رصد بعضهم لطلوع الفجر الصادق والزوال والظلال وغياب الشفق... وكان كل بلد أو مسجد يعتمد على اجتهاد شخص في ذلك.
وكثير من هذه الجداول الشهرية والتقاويم السنوية قد حددت وقت الأذان للعشاء بعد ساعة ونصف من غروب الشمس (وقت غياب الشفق)، وحددت وقت أذان الفجر قبل ساعة ونحو 20-25 دقيقة، كما هو حال تقويم أم القرى في السعودية، ولكن العجيب أنهم أحدثوا من قبل ربع قرن توقيتا خاصا لأذان العشاء في شهر رمضان من كل عام، بعد غروب الشمس بساعتين لا ساعة ونصف ساعة!! مخالفين في ذلك السُّنة التي تحددها بغياب الشفق، فكيف تكون صلاة المغرب لمن يؤديها في ذلك الشهر قبل أذان العشاء بثلث ساعة مثلا؟ أهي أداء في وقتها أم قضاء؟؟ ولو أنهم أبقوا أذان العشاء في وقته المعتاد وأخروا الإقامة للصلاة إلى ما بعد 40 دقيقة بدلا من 20 دقيقة، حسب ما كانوا معتادين عليه، ولا يكون في ذلك مخالفة للسنة.
  وأما بعد التوسع في الساعات الإلكترونية والكمبيوتر والبرامج الفلكية في تحديد طلوع الفجر وغياب الشفق فقد حدث تعدد في الآراء والبرامج، التي تعتمد على أجهزة الرصد وقياس درجات الضوء و... فهناك توافق بين معظم هذه البرامج على أن غياب الشفق مساء وبدايته (الفجر الصادق) يكون والشمس تحت الأفق بــــ 18 درجة، أي قبل شروق الشمس وبعد غروبها بــــ 72 دقيقة، أي ساعة و12 دقيقة، هذا إلى جانب وجود من يرى أن هذه الدرجات أكثر من ذلك أو أقل، فهذا الأستاذ هاني الضليع يقول:  ( ومن أهم هذه المعايير معيار رابطة العالم الإسلامي الذي يعتمد زاوية 18 درجة للفجر والعشاء، وهي نفس زاوية الشفق الفلكي، يشابهه معيار جامعة العلوم الإسلامية بكراتشي، ومعيار تقويم أم القرى الذي يعتمد الزاوية 18.5 للفجر، وساعة ونصف الساعة بعد المغرب لدخول وقت العشاء على مدار السنة إلا رمضان فتصبح ساعتين.
وكذلك معيار الهيئة العامة المصرية للمساحة الذي يعتمد الزاوية 19.5 درجة، وهي أكبر زاوية بين جميع المعايير للفجر، والزاوية 17.5 للعشاء، ومعيار الاتحاد الإسلامي بأميركا الشمالية الذي بدأ يعتمد الزاوية 18 درجة للفجر والعشاء بعد أن كان اشتهر أنه يعتمد الزاوية 15 درجة(.
ومع ذلك ما زلنا نجد حين ندخل مسجدا تقويمات وساعات جدارية إلكترونية لا تتوافق مواقيت الصلوات فيها.
وللتوسع في الاطلاع انظر بحث الأستاذ هاني الضليع في النت بعنوان: الفجر الصادق حقيقة رصده. بتاريخ 15/6 /2016
وانظر مقالا لمحمد عودة بعنوان (مفاجأة رصد الفجر من الطائرة!).، وبيانا أصدره 17 عالما في الفلك والفيزياء بعنوان (شائعات وأخطاء فلكية) نشره موقع مركز الفلك الدولي بتاريخ 3/يوليو/2015.