الأحد، 20 فبراير 2011

نساء تحدث عنهن القرآن

نساء تحدث عنهن القرآن

تاريخ الإضافة: 12/2/2011 ميلادي - 8/3/1432 هجري   زيارة: 106     
  
خلق الله - تعالى - آدمَ من طين، ثم جعل نسل البشرية كلها من آدم وحوَّاء (ذكر وأنثى)، فالمرأة عنصر أساس في الوجود البشري، ولها شأن في ذلك أكبر من دور الرجل؛ فهي التي تحمل أفراد البشرية في بطنها، وهي التي تتحمَّل الآلام في هذا الحمل، ومن ثَمَّ عند الوضع، ويستمرُّ دورها الفعَّال والمتميِّز بتقديم الغذاء والرعاية والعناية بالصِّغار؛ حتى تشتدَّ أعوادهم وتَقْوَى سواعدهم ويستغنوا عن الرعاية.
 وقد كان للمرأة في القرآن الكريم دَوْرٌ في توجيه الأحكام إليها وتلقِّيها لهذه الأحكام الإلهيَّة، كما أن لها ذكرًا في كلِّ مجالٍ يذكر فيه العمل والأجر (للرجل والمرأة) فالله - تعالى - يقول: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97].
 وكذلك يقول: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35].
 فهنَّ مثْل الرِّجال في الأعمال الصالحة وفي الأُجُور والجزاء في الدنيا والآخِرة، فالنساء شقائق الرجال كما قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بل هن مُخاطَبات في كلِّ أمرٍ أو نهي يُوَجَّه إلى الناس أو إلى المسلمين أو المؤمنين أو الذين آمَنوا - من باب تَغلِيب الرجال على النساء في اللغة - وإذا كان لهنَّ هذا الحضور العامُّ في كلِّ خطابٍ للناس فإن لبعضهنَّ حضورًا خاصًّا في بعض آيات القرآن الكريم.
 فقد تحدَّث القرآن الكريم حديثًا خاصًّا عن بعض النساء الصالحات أو غير الصالحات، وخصَّهن بالذِّكر، وقد بلغ عدد النساء اللاتي تحدَّث القرآن الكريم عنهنَّ حديثًا خاصًّا وبذكر الاسم أو الصفة سبع عشرة امرأة، ثلاث منهن كافرات طالِحات، وأربع عشرة منهن مؤمِنات صالحات، أمَّا النساء الكافرات الطالحات فهن:
 1-امرأة نوح:
وردَتْ إشارات غير مباشِرة عنها في قول الله - تعالى -: ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ [المؤمنون: 27].
ففي قوله - تعالى -: ﴿ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ﴾ [المؤمنون: 27]، إشارة عامَّة إلى الذين لم يؤمنوا بدعوة نوحٍ - عليه السلام - من أهله؛ وهما ابنه وامرأته، كما يُفهَم ذلك من آيات أخرى صرَّحت بذكر امرأة نوح، وذلك في قوله - تعالى -: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ [التحريم: 10].
 فامرأة نوح مثَلٌ للذين كفروا، وهي على رغم كونها زوجة لَصِيقة بزوجها نوح، لم تفتح قلبها لدعوته، وبقِيَتْ على ضلالات قومها، وتعلُّقها بأصنامهم المتعدِّدة، وكانت بذلك قد خانَتْ زوجها ودعوته، واستحقَّت بذلك عقوبتين:
 الأولى:في الدنيا إذ غرقت مع الغارقين.
 والثانية:في الآخرة؛ فكانت من أهل النار.
 ولنا في هذا الموقف عِظَة وعبرة كبيرة، فإن الصلة الأسرية بالنبي أو بالصالحين من عِبَاد الله لا تُعطِي صاحبها أفضليَّة على الآخَرين ولا درجةً ولا قبولاً في الآخرة؛ ولذلك قال الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - مُخاطِبًا ذوي قرابته: ((... اعملوا؛ فإني لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا)).
 فأقرباء النبي - عليه السلام - وأقرباء الصحابة أو ذوو الشأن والعُلَماء، لا يُغنِي عنهم هؤلاء من الله شيئًا، ما دام نبي الله نوح لم يغنِ عن زوجته شيئًا، ولم يمنع عنها عذاب الله، أمَّا إذا كانت مؤمنة صالحة وهي زوجةٌ لنبيٍّ فسيكون أجرها - بإذن الله - مضاعفًا، وكذلك كلُّ مَن له صلة قرابة بالصالحين لا يستغني بهم عن عمله الصالح أبدًا، وإذا وصل الأمر إلى حدِّ الكفر فلن تكون له شفاعة.
 2-امرأة لوط:
وهي مثَلٌ آخَر للذين كفروا، ولم يغنِ عنها كونها زوجة لنبيٍّ من أنبياء الله ما دامَتْ غير مؤمنة برسالته، وهي في هذه الآية السابقة حكم عليها بالكفر صراحة، وقد ورد ذكرها بصورة واضحة في ثماني آيات أُخرَيَات من سُوَرٍ متعدِّدة، وكلها يحكم عليها فيها بعدم السلامة من عذاب الله في الدنيا، وأنها سيُصِيبها ما يُصِيب قومها من عذاب الله ﴿ ... فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ...﴾ [هود: 81].
 والآيات الباقيات تجعلها مُستَثناةً من النجاة من عذاب الله في الدنيا، فقد تكفَّل الله للوطٍ وأهله بالنجاة؛ قال الله - تعالى -: ﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [النمل: 57]، ﴿ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [الحجر: 60]، ﴿ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [الأعراف: 83] [العنكبوت: 22]، ﴿ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [العنكبوت: 33]، ﴿ إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: 171]، [الصافات: 135].
 3 -امرأة أبي لهب:
وهي زوجة عمِّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - (عبدالعُزَّى) الذي كان يُؤذِي رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتُشارِكه في ذلك زوجته، أذًى ماديًّا بنَثْرِ الشَّوْك في طريق الرسول - عليه السلام - وهو جارٌ لهم، وأذًى معنويًّا عندما عمِلاَ على تطليق ابنتيه اللتَين قد خطبتا لولديهما.
وهذه المرأة هي المعروفة بأمِّ جميل حمَّالة الحطب، كما وصَفَها القرآن الكريم، وقد خصَّها الله - تعالى - مع زوجها بإحدى قِصار السُّوَر وهي سورة المسد: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ [المسد: 1- 5].
 وإذا كانت امرأة نوح - عليه السلام - تُمَثِّل الذين كفروا في أوائل الجنس البشري، فإن امرأة لوطٍ تُمَثِّل هذه الطائفة الكافرة في أواسط الجنس البشري، وتأتي امرأة أبي لهب لتكون هي وزوجها مثلاً لِمَن يكفر بالله وبرسوله ويعمل على أذى الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في أواخر عمر الجنس البشري ليكون نصيبها في الآخِرة نار جهنم التي سيصليانها، ولن تغني عن أبي لهب قرابته من رسول الله - عليه السلام - وهو عمُّه، ولن تغني عنه أيضًا وعن زوجته بعض الأعمال التي ظاهِرُها في أعين الناس أنها خير؛ كإعتاقه جاريةً له عندما بشَّرَتْه بمولد محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهمُّه أن يحمي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد وفاة عمِّه أبي طالب.
 فهذه أعمالٌ غير صادِرَة عن إيمانٍ بالله؛ فهي إذًا هباء منثور، وهكذا نكون قد استعرضنا هذه النماذج الثلاثة لنساء كافرات خصَّهن الله بالذكر في القرآن الكريم؛ لتكون نهايتهن في الدنيا وعقابهن في الآخِرَة دروسًا وعظات يَعتَبِر بها أولو الأبصار.

( قـد أظـل زمـان نـبـي)

بقلم : صدقي البيك

لقد بشر الأنبياء جميعا بالنبي محمد عليه السلام ، ووردت هذه البشريات في الكتب المنزلة ، وكان أهل هذه الكتب يعرفون هذه البشريات ، وهي متناثرة في كل من التوراة والإنجيل، ولا زالت موجودة فيهما على رغم كل التحريفات التي لحقت بهما .

و قد قام كثير من المؤلفين المسلمين قديما وحديثا باستخراج هذه الآيات الدالة على ذلك من أسفار العهدين القديم والجديد، ولكنهم جميعا لم يتحدثوا ، ولم يستخرجوا ما يدل على معرفة أهل الكتاب بقرب زمان ظهور النبي، بل اقتصر حديثهم على البشارات والدلائل على اسمه وصفاته وصفة مكان بعثته ومكان هجرته.
من هؤلاء العلماء ابن اسحق وابن هشام وابن قيم الجوزية، في كتابه (هداية الحيارى..)، ورحمة الله ابن خليل الرحمن الهندي في كتابه(إظهار الحق)، والعقاد ، سعيد حوى، ومحمد رواس قلعجي (في مقال له نشر في مجلة (حضارة الإسلام) و…
ولم يشر أحد منهم إلى ما يدل على تحديد زمن بعثة محمد (صلى الله عليه وسلم) إلاالدكتور محمد رواس قلعجي.
فإذا نقبنا في التوراة والإنجيل فهل نجد ما يدل على ذلك؟ وقبل ذلك هل في القرآن والحديث ما يشير إلى أنهم كانوا يعرفون قرب مجيء الرسول (عليه السلام)؟
نعم ، فإذا رجعنا إلى الآية الكريمة89 من سورة البقرة وجدناها تقول(ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم ، وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ، فلعنة الله على الكافرين)(1)فهذه الآية تدل على أن اليهود كانوا يستنصرون بمجيء النبي على المشركين من أهل المدينة. وأكثر وضوحا من ذلك ما يرويه ابن كثير في تفسيره عند تفسيره لهذه الآية ( عن قتادة الأنصاري.. قال : فينا والله وفيهم نزلت هذه الآية، كنا إذا علوناهم يقولون : إن نبيا سيبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم …
وأثر آخر أكثر تحديدا لمعرفتهم زمنه  يرويه ابن هشام في سيرته(2)، عن سلمة بن وقش(وهو من أصحاب بدر) يقول كان لنا جار من يهود في  بني عبد الأشهل  خرج علينا، وحدثنا عن الجنة والنار ، فقالوا وما آية ذلك؟ قال: نبي مبعوث من نحو هذه البلاد ، وأشار بيده إلى مكة واليمن ، فقالوا ومتى تراه؟ فنظر إلي ، وأنا من أحدثهم سنا ، فقال : إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه. فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله محمدا رسوله وهو حي بين أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا ، فقلنا له : ويحك يا فلان ألست الذي قلت لنا فيه ما قلت ؟ قال بلى ولكن ليس به.
وكذلك روى ابن هشام عن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال لي :هل تدري عم كان إسلام ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد؟ ….فإن رجلا من يهود أهل الشام يقال له ابن الهيبان  قدم علينا قبيل الإسلام بسنين…. ثم حضرته الوفاة فقال : يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس و الجوع ؟ قلنا :إنك أعلم ، قال : فإني إنما قدمت هذه البلدة أتوكف خروج نبي قد أظل زمانه ، وهذه البلدة مهاجره ، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه ، وقد أظلكم زمانه فلا تسبقن إليه يا معشر يهود فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء ممن خالفه، فلا يمنعكم ذلك منه.
وأثر ثالث يرويه ابن هشام في الصفحة 200عن سبب إسلام سلمان الفارسي الذي أوصاه قسيس عمورية قائلا: أي بني …قد أظل زمان نبي وهو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجره إلى  أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات ….
كل هذه الآثار والأدلة الإسلامية تشير بصراحة إلى أن اليهود والقساوسة النصارى من المعاصرين والسابقين لبعثة محمد(عليه السلام) كانوا يعرفون اقتراب الزمان لظهور النبي الجديد  ويعبرون عن ذلك ب(تقارب زمان نبي يبعث الآن ) و (قد أظل زمانه ) و( قد أظل زمان نبي) و( قد أظل زمانه)، ووصل الأمر عند من يروي عنه سلمة (وهو ابن الهيبان) أن بحدد فترة جيل يظهر فيها هذا النبي بقوله )إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه) ، فهل كان هؤلاء يرجمون بالغيب ؟ أم كانوا يعتمدون على  نصوص وآثار دينية واردة في كتبهم؟، وإذا كان الأمر كذلك فأين هي الآيات والدلائل التي تدل على تحديد زمن ظهور النبي؟ وكما وجد الباحثون المسلمون في التوراة والإنجيل بقايا آيات تدل على صفات النبي واسمه و…، على رغم كل التحريفات التي لحقت بالكتابين ، يمكن أن يجد الباحث ما يدل على هذا التحديد الزمني .  
و سنضرب صفحا عن تأويلات اليهود والنصارى لهذه الآيات إذا وجدناها ، لأنهم  سيؤولونها على أحداث وشخصيات أخرى، كدأبهم في كل الآيات التي تشير إلى علامات النبوة في النبي الجديد.
أما نحن فنقول : إن علماء اليهود والنصارى قديما كانوا يجدون آيات في كتبهم يفهمون منها ما يحدد لهم الفترة أو الجيل الذي سيظهر فيه النبي الجديد، وعندما ظهر آمن به بعضهم وكفر المعاندون منهم .
 الآثار عندهم
وجد الدكتور محمد رواس قلعجي  النص التالي في سفر دانيال الإصحاح التاسع بدءا من الآية 23 يخاطب جبرائيل دانيال قائلا:(في ابتداء تضرعاتك خرج الأمر . وأنا جئت لأخبرك، لأنك محبوب، فتأمل الكلام وافهم الرؤيا.سبعون أسبوعا قضيت على شعبك ومدينتك المقدسة ، لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم ، وليؤتى بالبر الأبدي ، ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القدوسين . فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع ، واثنان وستون أسبوعا ، يعود ويبنى سوق وخليج في ضيق الأزمنة . وبعد اثنين وستين أسبوعا يقطع المسيح وليس له ، وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغمارة . وإلى النهاية حرب وخرب قضي بها . ويثبت عهدا مع كثيرين في أسبوع واحد، وفي وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة وعلى  جناح الأرجاس مخرب حتى يتم ، ويصب المقضي على المخرب.)
 
إنه نص طويل ، وفيه كلام واضح ومفهوم ، وكلام آخر غامض ومبهم وغير متماسك يعود إلى الترجمة والتحريفات ، ولذلك فلا يمكن إزالة كل لبس في هذا النص ، وإنما نكتفي بالإشارات الواضحة إلى تحديد زمن ظهور النبي.     
 
حددت الآيات مدة (سبعين أسبوعا) قضى بها الله على شعب إسرائيل وعلى المدينة المقدسة (القدس)لتكتمل عقوبة المعصية والخطايا التي ارتكبها بنو إسرائيل ، وليؤتى بالبر الأبدي وتختم النبوة ، وليمسح قدوس القدوسين . ويفهم من هذا أن اكتمال عقوبتهم مرتبط زمنيا بظهور النبي الذي يختم به الأنبياء . ثم تتحدث الآيات عن تفصيل هذه المدة لأنها لن تكون دفعة واحدة.
ولكي تتضح الأمور علينا أن نعلم شيئين : ما هو هذا العدد؟ وما هو المعدود بهذا العدد؟
أولا : سبق هذه الآيات في الإصحاح ذاته من سفر دانيال قول دانيال : (فهمت من الكتب عدد السنين التي كانت عنها كلمة الرب إلى أرميا النبي لكمال سبعين سنة على خراب أورشليم ، فوجهت وجهي إلى السيد … يا سيد اصرف سخطك وغضبك عن مدينتك أورشليم…) فهو إذن يعرف أن المدينة ستبقى خربة خاضعة لسخط الرب سبعين سنة ، وكذلك الهيكل، وقد استكثر هذه المدة ، فطلب من الله أن يرفع السخط والغضب عن المدينة والشعب وأن يقلل المدة ،فجاء الجواب على تضرعاته هذه (…سبعون أسبوعا قضيت على شعبك وعلى مدينتك …) فهذا يدل على أن المعدود بهذا العدد هو سنوات  وانه سيكون أكثر من المدة التي كان يعرفها دانيال
ثانيا : وأما العدد فقد عبر عنه ب(سبعون أسبوعا ) وليس (سبعون) فقط،والمقصود بكلمة أسبوع هو العدد سبعة وليس محصورا (بسبعة أيام)، فقد ورد في سفر دانيال نفسه في الإصحاح العاشر (كنت نائحا ثلاثة أسابيع أيام حتى تمت ثلاثة أسابيع أيام وفي اليوم الرابع والعشرين ….)فهذا يدل على أن المقصود بالأسبوع سبعة ، ولذلك لزمه أن يميز الأسابيع (بالأيام)، ولو كان الأسبوع لا يدل إلا على سبعة أيام لما لزم ذكر التمييز (أيام)،  وهذا يوصلنا إلى أن العدد (سبعون أسبوعا) هو (سبعون سبعة) أي (70×7) =490 ومعدود هذا العدد هو سنوات ، فتصبح المدة التي قضى بها ا لله على الشعب والمدينة لكفارة الإثم ولختم النبوة و…هي(490) سنة.
فمتى تبدأ هذه المدة ؟ وإلى متى تمتد وتنتهي؟ فإن نهايتها تحدد قرب ظهور النبي الجديد أو ولادته.
إن هذه المدة ليست محسوبة دفعة واحدة(1)لأن الآيات في الإصحاح التاسع قسمتها إلى ثلاثة أقسام :
1 – القسم الأول سبعة أسابيع ، 7× 7 =49 سنة وهي المدة التي تنقضي قبل أن يخرج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها ، وبالفعل فقد هدمت المدينة والهيكل عام 585ق.م، وأعيد بنو إسرائيل إلى المدينة وأذن لهم ببناء الهيكل في السنة الأولى من عهد كورش سنة 536ق.م وذلك بعد49 سنة بالتمام أي 585-536=49.
 
2_ القسم الثاني : اثنان وستون أسبوعا 62× 7= 434 سنة
إن اليهود عادوا في عهد كورش إلى القدس وبنوا الهيكل فتوقف التشريد والخراب والعقوبة إلى ما بعد المسيح (عليه السلام)، ففي أيام المسيح كان الهيكل قائما وبنو إسرائيل غير مشردين (وإن كانت السلطة والحكم في أيدي غيرهم) ثم حدث التخريب للمدينة والتشريد للشعب مرة أخرى سنة 132م بعد ثورة بركوبا على الرومان فجاء هادريان فهدم الهيكل وشرد اليهود(2). فإذا جمعنا 132+434=يكون الناتج 566 من ميلاد المسيح وهذه السنة لا يفصلها عن سنة ولادة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)إلا أربع سنوات وهي أقل من أسبوع سنوات فلم يعتد بها لأن الحساب لم يكن بالسنة الواحدة بل بأسابيع السنوات فلا يعتد بكسر أو أجزاء الأسبوع زيادة أو نقصا. وهكذا تكون سنة 566 من ميلاد المسيح إرهاصا بولادة خاتم النبيين ومسح قدوس القدوسين .
3_القسم الثالث : أسبوع واحد ( ويثبت عهدا مع كثيرين في أسبوع واحد). وهذه إشارة إلى ما يجري بين خاتم النبيين والكثيرين من بني إسرائيل ويستغرق ذلك أسبوعا من السنين ، وبالفعل فقد عقد الرسول في العام الأول من الهجرة معاهدة مع يهود المدينة وإلى عام 7 للهجرة عندما فتح خيبر وصالح أهل فدك ، وبذلك تكون قد اكتملت السبعون أسبوعا من عقوبة بني إسرائيل .
وكان بإمكانهم لو آمنوا بمحمد أن ينعموا بالإيمان والأمن والسعادة تحقيقا لقول الله تعالى (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون.)(1)كما أن بيت المقدس(المسجد الأقصى) قد رفع عنه الخراب بعودة القداسة إليه إذ أسري بمحمد إليه وإذ توجه المسلمون إليه في صلاتهم وإذ عد من المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال ….
وهكذا نفهم ترقب اليهود والنصارى لمجيء محمد (عليه السلام) وانتظارهم له ، فقد كانوا يعرفون زمن بعثته أو ولادته بسنوات تقريبية في حدود سبع سنوات من غير تحديد للولادة أو للبعثة...      
وهذا كله على رغم كل ما لحق التوراة والإنجيل من تحريف وتبديل بالقصد أو بالترجمة ودخول كلمات وتراكيب غامضة.وجدت في تصحفي لبعض المواقع في الإنترنت أن قساً اسمه منيس عبد النورقد تعرض في كتاب له للرد على من أثار من المسلمين شبهات حول سفر دانيال الذي يضم هذه الجمل عن السبعين أسبوعاً، وحين وصل في رده إلى الحديث عن هذه الأسابيع السبعين ذكر أن العدد المدلول عليه بها هو 70 ×7=490، وأنها سنوات، وجعلها دلالة على مجيء المسيح، مركزاً في كلمات " تكميل المعصية وتتميم الخطايا"، و"لمسح قدوس القديسين" و" يؤتى بالبر الأبدي" بتأويلات مصطنعة، وتخطى عن عمد وقفز عن قصد عن ثلاث كلمات واضحة لا يلزمها تأويل، وهي " ولختم الرؤيا والنبوة"؛ لأنه لا يستطيع أن يقول إن هذين الغرضين يحصلان بمجيء المسيح، فلا يمكن أن يقول: إن الرؤيا (الوحي عن طريق ما يراه النبي في المنام) قد انقطعت؛ لأنه يؤمن بسفر " رؤيا يوحنا"، وكذلك لا يستطيع أن يقول: إن النبوة ختمت بمجيء المسيح؛ لأنه ورد في إنجيل يوحنا 1/19 ( وهذه شهادة يوحنا "النبي يحيى" حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه: من أنت؟ 20 فاعترف ولم ينكر وأقر إني لست أنا المسيح. 21 فسألوه: إذاً ماذا أنت؟ إيليا أنت؟ فقال: لست أنا. النبي أنت؟ فأجاب: لا. فقالوا له: من أنت؟ لنعطى جواباً للذين أرسلونا، ماذا تقول عن نفسك؟ 22 قال: أنا صوت صارخ في البرية ...).
فهذا الكلام يعني أن اليهود، ومثلهم النصارى، كانوا ينتظرون مسيحاً، كفر به اليهود وآمن به النصارى، وينتظرون " النبي" ( الذي ورد ذكره في التوراة ...نبيا من إخوتهم مثل موسى...)، وينتظرون إيليا ( الذي ذكر لهم المسيح في الإنجيل أنه أتى..).
ومن المعلوم أنه لم يذكر أي نبي أنه تختم به النبوة إلا محمداً عليه السلام، وقد كان هذا حقيقة أكدتها القرون الأربعة عشر بعد بعثة محمد عليه السلام، وأما عيسى عليه السلام فإنه بعث قبل محمد، وإن كان سوف يتوفى وفاة الموت قبيل قيام الساعة بعد نزوله وكلامه الناس كهلا.
 ونتيجة لكل هذا فإن السبعين أسبوعاً حددت مجيء محمد الذي تختم به النبوة والوحي للأنبياء وكل الصفات التي ذكرت في جمل دانيال السابقة.           
 


(1)
سورة البقرة الآية 89.
(2)الجزء الأول الصفحة 196.
(1)كما فعل الدكتور محمد رواس قلعجي إذ حسبها دفعة واحدة بعد سنة 132م وهي السنة التي خرب فيها الهيكل وشرد اليهود للمرة الأخيرة (132+490=622)وهذه هي السنة الميلادية التي هاجر فيها النبي (عليه السلام) أو 636 أي بعد 14سنة  لم يحسبها لأن القدس كانت فيها تحت سيطرة الفرس الذين رفعوا فيها الاضطهاد عن اليهود.
(2)لم أبدأ حساب الفترة الثانية من سنة 70 م وهي سنة دخول طيطوس إلى القدس لأنه اكتفى بهدم الهيكل ولم يشرد اليهود ، ونبوءة دانيال تقول (سبعون أسبوعا قضيت على شعبك وعلى مدينتك)
(1)سورة الأعراف الآية 157