الأحد، 31 يناير 2010

مطلبان أجوفان

مطلبان أجوفان

صدقي البيك

مطلبان يكررهما محمود عباس، ومعه ناطقون باسم سلطته وباسم حركة فتح، ويلحون عليهما، كأنهما هما اللذان سيحققان الاستقلال وينشئان الدولة الفلسطينية، وينشران السلام و... وتمر أشهر وسنوات والإصرارعليهما يدوي في أجهزة الإعلام.

وحين أمعن النظر فيهما أجد أنهما أجوفان، وإن كان مرددوهما يبنون عليهما أوهامهم، ولا أدري لم لم يتناولهما المحللون والمعلقون.

أما أولهما فهو أنه لايمكن أن يستأنف التفاوض إلا إذا وافقت إسرائيل على وقف الاستيطان في الضفة الغربية. أنحن نعاني من مشكلة (استمرار) الاستطيان في الضفة، أم من مشكلة (الاستيطان) نفسه؟ أنعاني من ازدياد المستوطنين بضعة آلاف أم نعاني من عشرات الآلاف منهم الذين استوطنوا واغتصبوا الأرض وقطعوا أوصال الضفة؟ إن هذا الاستيطان كثر أو قل ، استمر أو توقف هو الخطر الأكبر على القضية. فلو افترضنا جدلا أن إسرائيل وافقت على وقف الاستيطان مدة سنة أو أكثر، كما يطالب المطالبون، وخرج عباس يعلن مبتهجا أن إسرائيل خضعت لشرطه ولشرط أوباما، ولذلك فهو يعود للمفاوضات... وجرت المفاوضات وأنها انتهت بعد المدة المحددة بعدم الاتفاق، فما جدوى وقف الاستيطان؟

وإذا انتهت بالاتفاق... فعلام كان الاتفاق؟ إذا كان على بقاء المستوطنات وضمها مع كل ما وراء الجدار إلى إسرائيل (وهذا ما تدل عليه بوادر قبول عباس والسلطة وفتح بتبادل الأراضي) فما جدوى وقف الاستيطان إذا أرغمناهم على قبول الشروط وغنموا الأرض؟ (على قول الأعرابي: أوسعتهم شتما وأودوا بالإبل!!)، وهم يعودون بعد ذلك لتوسيعها كما يحبون!

وأما إذا كان الاتفاق على إزالة هذه المستوطنات ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين أو بدون أيدي المؤمنين، كما حدث في غزة )، " وهذا ما لا يطالب به هؤلاء ولا يحلمون به "، فأي نفع من وقف توسيعها؟ وأي ضرر من زيادتها أوتوسيعها؟ وأنا على يقين أن هؤلاء المطالبين لا يحلمون بأن تبقى المستوطنات وتكون خاضعة للسلطة ويكون المستوطنون جالية صهيونية في فلسطين!!!

فإذا كانت كل الاحتمالات لما بعد التفاوض لا تتأثر سلبا ولا إيجابا من وقف الاستيطان فلمِ كل هذا الإصرار عليه، إلا إذا كان الهدف منه هو تسجيل مطلب قليل الشأن والتأثير يوافق عليه الصهاينة ويحققونه للمفاوض الذي لم يُبق في يده أية ورقة قوية يلوح بها.

وأما ثاني المطلبين فهو إجراء الانتخابات: ولنعد أربع عشرة سنة إلى الوراء حين جرت انتخابات لم تشارك بها حماس وفازت فيها فتح مقابل فصائل تعيش على الفتات الذي تتركه لهم فتح، بعد أن أمضت أكثر من ربع قرن مهيمنة على المجلس الوطني الفلسطيني، واستمر المجلس التشريعي عشر سنوات بدلا من أربع، فكيف مدد هذا المجلس لنفسه؟ ولمَ لم يتقيد بالمدة المحددة للمجلس؟ ولمَ لم تجر انتخابات؟ ولمَ لم يصر الدستوريون على وجوب إجرائها؟ ألم يعملوا بالفقرة التي تنص على أن انتهاء مهام المجلس يتوقف على أداء أعضاء المجلس الجديد للقسم؟ هذا إذا لم تكن مواد القانون الأساسي عجينة بيد المجلس السابق يصوغها كيف شاء.

وندع جانبا الأسباب التي دفعت السلطة إلى إجراء الانتخابات في أوائل عام 2006، لنقول: إن الأطراف الخاسرة في أية انتخابات ( وخصوصا المعارضة) تلجأ إلى الاتهام بالتزوير سواء أكان التزوير حقيقة أم ادعاء، كما تطالب بإعادة الانتخابات مع المطالبة بضمان النزاهة. وغالبا لا تلجأ الحكومات والسلطات إلى إجراء انتخابات قبل أوانها إلا إذا كانت تتوقع أن تكون نتائجها محسومة لها وأن تكون أفضل من سابقتها، وقد كانت السلطة الفلسطينية من هذا النوع، إلى جانب غباء محلليها الذين انخدعوا أو خدعوا أنفسهم حين رأوا أن نتائج الانتخابات البلدية قد أعطتهم مئات المجالس البلدية في القرى مقابل عشرات البلديات لحماس، فأقبلوا على إجراء الانتخابات التشريعية، متوقعين أن يكون لحماس نحو ثلث أعضاء المجلس، ويكونون بذلك أدخلوها في دهاليز السياسة ليلجموها دائما بأن الديموقراطية توجب أن تنصاع الأقلية لرأي الأكثرية، وهذا هو رأي الشعب...

وجرت الانتخابات وجاءت النتائج على غير ما كانت تهوى فتح ومكذبة لكل استطلاعات الرأي المصنعة قبل الانتخابات وقبيل إغلاق صناديق الاقتراع، وفازت حماس بالقوائم وبالدوائر، وكانت أصوات قائمة حماس تزيد 20 ألف صوت في القطاع و10آلاف صوت في الضفة على أصوات قائمة فتح!! وزادت أصواتها في المجلس بنحو 30 صوتا على أصوات فتح!! وهنا جن جنون قادة فتح، وناصبوا حماس الخصومة والمقاطعة والعداء. وما مضت أسابيع حتى بدأت أصوات هؤلاء القادة المتحدثين تطالب بإعادة الانتخابات، مع أنهم لا هم من العارضة ولا ادعوا تزوير الانتخابات، وكيف يكون ذلك وهم السلطة التي اختارت الزمان المناسب لها، وفصلت قانون الانتخاب على مقاسها، وعينت لجنة الانتخاب ممن ترضى عنهم، وأشرف رجالها على اللجان الانتخابية لأن معظم الموظفين في دوائر السلطة سبق أن وظفتهم السلطة من عناصر فتح وأنصارها، فما تستطيع أن تدعي أن هناك تزويراً. فهل تغير الشارع الفلسطيني بين شهر وآخر؟ وهل تبين للذين أعطوا أصواتهم لحماس أنها خدعتهم، وهل اكتشف الذين عاينوا الفساد المالي والأخلاقي لقادة فتح والمتنفذين فيها أن هذه دعايات المغرضين، مع العلم أن النائب العام في السلطة أصدر تقارير الاتهام بحق نحو 25 متهما بالفساد المالي ونهب أموال الشعب متعجلا، ومؤجلا البت ببقية الخمسين متهما، لحاجة في نفسه، ولم نسمع بعد أربع سنوات أنه أكمل تحقيقاته، وهذا يضاف إلى فساد الفاسدين. ما الذي يضمن، ولو توقعا، لهؤلاء أن نتيجة الانتخابات لو أعيدت ستكون في صالحهم؟ نعم عندهم الدواء السحري لفوزهم، ولكنهم لم يستخدموه في المرة السابقة لأنهم كانوا ينامون على أوهام ظنونهم أنهم ليسوا بحاجة إليه، أما وقد وجدوا أن حساباتهم خابت من غير هذا الدواء السحري فليستعملوه في أسرع وقت ممكن!! إنه التزوير الذي يرونه يجري في دول عربية جهارا نهارا ولا تعترض المؤسسات الدولية التي تراقب الانتخابات وإذا اعترضت تشكل لجان وتجري الأمور ثم تنسى المخالفات الطفيفة التي لم تؤثر على مجمل النتائج! هكذا تجري الانتخابات في أكبر الدول العربية وأكثرها ادعاء وتغنيا بالحرية واليموقراطية.

وهكذا ما زلنا نسمع من كل من يصرح منهم أن الديموقراطية تتمثل الآن في إجراء الانتخابات، بعد أن انتهت المدة المحددة للمجلس، ومعها انتهت المدة المُمدّدَة لرئيس السلطة من قبل قانون وضعه الرئيس ولم يصدر عن المجلس التشريعي أو من مجلس مركزي أو ثوري ما له صفة رسمية في هذا المجال. فهل يتوقع هؤلاء أن الشعب في الضفة والقطاع قد نسوا الفساد الأخلاقي والمالي؟ وهل اقتنعوا بأن روح الوطنية فاضت على السلطة ورجالاتها ورئيس وزرائها الذي فازت قائمته بنائبين في انتخابات 2006م؟ أوَجدوا الأمن والأمان في الضفة وهم يرون التعاون والتنسيق الأمني بين قوات الاحتلال وقوات تأتمر بأمر دايتون، فينتخبوا من آمنهم من خوف؟ وهل سلموا من اعتقالات واغتيالات إسرائيل لأبنائهم؟ وهل تحميهم أجهزة أمن السلطة من سطوة القوات الصهيونية واعتداءات المستوطنين التي تقتلع الأشجار وتحرق المحاصيل؟ فإن لم ينتخبوهم على هذه المواقف اللاوطنية المخزية أفينتخبونهم على الرواتب التي تجود عليهم بها الدول المانحة مقابل الخنوع والخضوع للرباعية ودايتون؟ أفينتخبونهم على تأييد العدوان على غزة والطلب من إسرائيل أن تستمر بالقصف حتى تسقط حماس ولو أدى ذلك إلى سقوط آلاف القتلى من المدنيين وقنابل إسرائيل لا تفرق بين أبناء غزة حسب الانتماء السياسي والتنظيمي؟

إذاً فعلام يعوِّل المتهافتون على المطالبة بانتخابات قبل المصالحة؟ نعم إنهم يريدون انتخابات تجري تحت أسلحة أجهزة الأمن الدايتونية واللجان السلطوية، والناس في المعتقلات أو تحت سطوة الخوف.

وإذا جرت انتخابات وكانت نزيهة حقيقة ونجحت حماس مرة أخرى فهل تقبل السلطة وفتح بالنتيجة؟ إن زعموا أنهم يقبلون فلمَ لم يقبلوا بها على مدى أربع سنوات؟ ولمَ عطلوا عمل المجلس وأحرقت تظاهرات الأجهزة الأمنية مبناه في رام الله؟ ولمَ تآمروا مع الصهاينة لشل عمل النواب باعتقال 40 منهم، وإذا أطلقتهم إسرائيل تكفلت السلطة (حسب التنسيق الأمني) بمنعهم من دخول مبنى المجلس ومن الاجتماع خارجه؟ فلمَ إذاً يدعون إلى انتخابات جديدة إذا كانوا سيفعلون مع النواب ما فعلوه من قبل، في حالة نزاهة الانتخاب وفوز حماس بأكثر من نصف الأعضاء؟

ولا يقل صراخهم على شرط توقيع حماس على الورقة المصرية قبل المصالحة، عن صراخهم حول المطلبين السابقين. فيا أيها الصارخون، كيف يوقع طرف على بنود للمصالحة وضعها الوسيط مغايرة لما اتفق عليه في اجتماعات المصالحة السابقة، وتنص بعض هذه البنود على إلغاء قوات المقاومة المسلحة التي هي قوام كل الفصائل الفلسطينة حتى المنضوية إلى المنظمة؟

فقليلاً من الحياء، وقليلاً من دحرجة البراميل الفارغة، يا أبواق السلطة.

الثلاثاء، 26 يناير 2010

رسالة إلى أخ ٍ للدكتور رشاد خليفة في لوس أنجلوس وهوعلى مبدئه

" هذه الرسالة أرسلت إلى المذكور بخط اليد، عام 1994م ولما أتلق جوابا منه، كما أنني أرسلت إلى موقع جماعة رشاد خليفة رسالة أخرى حول موضوع آخر ولم يأت منهم رد أو إشارة إلى وصول الرسالة"

حضرة السيد .... خليفة المحترم

السلام عليكم وبعد

أتحدث إليك وليس بيننا سابق معرفة أو اتصال، ولكن ابن أخيك في توسان قد أعلمني بوجودك في كاليفورنيا، وأعطاني رقم هاتفك، حين كنتُ في نيو يورك في شهر أغسطس/آب من هذا العام 1994م، لأتحدث معك بالعربية لمناقشة أمور في آراء أخيك رشاد، وقد حاولت مرارا الاتصال الهاتفي بك وتركت لك رقم هاتفي، ولكنك لم ترد ولم تتصل؛ ولذلك أرسل إليك هذه الرسالة عن طريق بريد ابن أخيك، أناقش فيها بعض آرائكم، وأرجو أن أجد عندك من الصبر والاهتمام ما كنت أجده عند أخيك من تقبل النقد وسرعة الرد.

لقد سبق لي أن اتصلت بريديا بأخيك مرارا بين عامي 78- 82، وألفت كتابا في تلك الفترة بعنوان (معجزة القرآن العددية) عرضت فيه إعجاز القرآن في العدد 19 كما توصل إليه أخوك، وتحققت من كثير من الإحصاءات والنتائج التي توصل إليها، وعرضت أوجه إعجاز أخرى جديدة، وأرسلت نسخة من الكتاب إلى أخيك... ومرت الأيام، وسمعت، بعد انقطاع المراسلات بيننا، أن أخاك ادعى أنه رسول!! وأردت أن أتحقق من ذلك فاتصلت، حين زرت نيو يورك، بابن أخيك في توسان ولما سألته عن هذا الادعاء أكده لي ! وأعلمني أنه مؤمن بذلك. ولا أدري ما رأيك في ادعائه أنه رسول الله، وهل أنت كأخيك في إنكاره للسُّنة؟

فإن كان الأمر كذلك فأنا أعرض عليك وجهة نظري، وإن لم تكن كذلك فأرجو إيصال هذه المعلومات بالإنجليزية إلى ابن أخيك ليرد عليها إذا لم يقتنع بها.

1) لقد ذكر الله تعالى أحد عشر من رسله في آيات القرآن الكريم وسمى كلاً منهم رسولا، وهم: محمد وعيسى وموسى وهارون وإسماعيل ونوح وشعيب ولوط وصالح وهود ويوسف، وأوقع فعل الإرسال على اثنين هما: إبراهيم ويونس، (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا..، وأرسلناه إلى مائة ألف...)وهؤلاء الرسل ذكروا في عداد الأنبياء (24) الذين وردت أسماؤهم في الآيات83-86 من سورة الأنعام ، والآيات 48-90 من سورة الأنبياء، أو في آيات أخرى وهم (إدريس، ونوح، وهود وصالح، وإبراهيم، ولوط، وإسماعيل، وإسحق، ويعقوب، ويوسف، وشعيب، وموسى، وهارون، وداود، وسليمان، وأيوب، وذو الكفل، ويونس، وإلياس، واليسع، وزكريا، ويحيى، وعيسى، ومحمد عليهم السلام). " وآيات الأنعام ذكرت 18 منهم وجاءت الآية 89 تقول عنهم( أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة...). وهذا يدل على أن الأنبياء أعم من الرسل وأن هناك أنبياء ليسوا رسلا، وأن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا. ولما كانت الآية 40 من سورة الأحزاب تنص على (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) فلا نبي بعده، وشمل هذا النفي من هو أخص من النبي أي الرسول، ولذلك فكل من يدعي أنه رسول أو نبي يكون مخالفا للآية ، وتنطبق عليه الآية 93 من سورة الأنعام ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء؟)

2) من المعلوم أن التوراة بشرت بأنبياء وبرسل، وكذلك بشر الإنجيل بمحمد ، عليه السلام، رسولا وقد ذكر ذلك القرآن الكريم " ...الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.." الأعراف/157، وعلى لسان عيسى "... ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد..." الصف/6. والبشرى الأولى تصف محمدا المبشر به بالرسول والنبي، والثانية تصفه بالرسول، فهل ورد في القرآن الكريم الذي نص على أن محمدا هو خاتم النبيين، نص صريح باسم رسول سيظهر بعد محمد عليه السلام؟

3) وأما تأويل "المدّثـّر" بـ" السر المخبوء"، وأن من يكتشفه هو رسول، فكلام لا تقبله اللغة العربية كما يفهمها العرب، وكما تستوجبه قواعدها، فالمدثر والمتدثر من الدثار وهو الثوب، والنداء موجه إلى من يتدثـّر أي يتغطى أو يتلفف بالدثار أو يلبسه، وليس موجها إلى الشيء المغطَّى (السر المخبوء)، ومثله المزّمّـل: المتلفف بثيابه.

4) لقد سمعت من ابن أخيك احتجاجه بأن الرشد ومشتقاته ( ومنها الرشاد اسم"أخيك") قد وردت في القرآن الكريم 19 مرة، وهذا ليس دليلا على أن من يكتشف إعجاز العدد 19 في القرآن سيكون رسولا، وأن اسمه من الرشد!! فما أكثر الأسماء التي وردت في القرآن 19 مرة أو مضاعفاتها، فهل تدل على أن من توافق اسمه مع أحدها هو رسول أو مكتشف لأحد أوجه الإعجاز ؟! فبلد ومتفرعاتها وردت 19 مرة، والسعير ( والعياذ بالله منها) ومشتقاتها وردت 19 مرة، وبيت والبيت وردت 19 مرة، وابنة ومثناها وجمعها 19 مرة، وحمْد والحمد وردت 38 مرة=19×2، فهل من تسمى ببليد أو سعير أو بـِيت أو بنات أو حمد يكتشف سرا أو يكون رسولا؟!

5) بدأ أخوك باكتشاف الإعجاز العددي في القرآن في سبعينيات القرن العشرين، وظهر به على الناس في 1976م، وكان من تأكيداته لذلك أن الاكتشاف تم في 1976= 19×104 !! ولكنه استمر بالإحصاء والتغيير فيه وفي النتائج وزيادتها وحذف بعض المؤكدات والزيادة والنقص حتى أصدر في 1981 كتابه (الكبيوتر يقول...) وترجمَته لمعاني القرآن، وقد أهداني نسخة من كل منهما، ولم يكن في أحدهما أي تصريح أو إشارة إلى ادعائه أنه رسول. فهل يكون رسولا وهو لا يدري؟ أفتظهر معجزته للناس قبل أن يعلم أو يُنبّأ أنه رسول؟!

ثم كيف علم أنه رسول؟ هل جاءه وحي من الله بذلك؟ عجبا أيأتيه وحي بأنه رسول ولا يأتيه هذا الوحي بأوجه الإعجاز الصحيحة والكاملة، فيقضي في تصحيحها سنوات وتدخلات من آخرين يوافقونه على أوجه الإعجاز ولا يصدقونه في ادعائه الرسالة؟! " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء؟..."الأنعام /93.

6) كيف يكون رسولا يوحى إليه من يخطئ في إحصاءاته للكلمات والحروف؟ تقول: أخطاء؟ نعم، أخطاء بعضها صُحّح وبعضها لم يصحح.

فمن الأخطاء التي لم تصحح حتى الآن:

1. كلمة اسم. لما اطلعت على محاضرته حول إعجاز القرآن في العدد 19 وجدته يقول إن كلمة الرحيم وردت 114 مرة ولكنني وجدتها في المعجم المفهرس لمحمد فؤاد عبد الباقي 115 مرة، فسألته برسالة بريدية عن هذا وعن غيره ، فأجابني إجابة مقنعة، وهي أن كلمة رحيم في الآية128 من سورة التوبة ليست وصفا لله إنما هي وصف للرسول، " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" ولذلك لم يحصها، وهذا كلام سليم.

ولكنه لما أحصى كلمة "اسم" وجعلها 19 مرة مستثنيا كلمات بسم، أحصى كلمة " الاسم" في الآية11 من سورة الحجرات، (..ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان..) مع أن الكلمات الأخرى الـ 18 هي: اسم الله 9، واسم ربك8، واسم ربه مرة. فكيف يبيح لنفسه أن يحصي الاسم وهو الفسوق مع كلمات اسم لله تعالى؟! أين منطقيته ومعقوليته التي لم تحص كلمة رحيم صفة للرسول مع كلمات الرحيم صفات لله؟ كيف اختفت هذه المنطقية والمعقولية حين يحصي الاسم "الفسوق" مع اسم "لله"؟؟!!

أفهذا مما يوحى به لرسول، أم هو تمحّل وتلفيق؟؟

إن عمل أخيك جهد بشري يصيب فيه ويخطئ، ويُكشف له خطأ ويُصحَّح أو لا يصحح، وهذا الجهد مهما كبر أو نتج منه نتائج يبق جهدا بشريا لرجل عنده علم وفهم، ولا يتخطاه إلى منزلة النبوة والرسالة.

2. ولما أحصى الصاد في سورة الأعراف في كتابه الأخير ( الكبيوتر يقول...) تخطى إحصاء الصاد في كلمة "بصطة" في الآية 69، وجعل العدد97،وهذا ليس سهوا بل خطأ متعمد (تمويه وكذب)؛ لأنه في جدوله الأسبق بمحاضرته في الإمارات أحصى هذا الحرف98، وعلق عليه طويلا، فتخلـِّيه عن إحصائه مقصود لأنه كان قد وقع في خطأ (غير مقصود )، وهو إنقاص صاد في سورة ص وجعله في جدوله عام 1976، "28" صادا، وقد نبهته إلى هذا الخطأ بنقص حروف الصاد، التي هي 29 حرفا، فعالج خطأه (الذي أظن أنه غير مقصود) بخطأ مقصود!! ليبقى مجموعهما مع عدد الصادات في مريم الـ26 (152)! " وقد اطلعت بعد كتابة هذه الرسالة في موقعه على صورة لآية الأعراف من إحدى نسخ القرآن الكريم القديمة وفيها كلمة بسطة بالسين"

3. وكذلك لما أحصى حرف النون في سورة القلم، عدّ حرفين في كلمة ن في الآية الأولى من السورة، وكان جوابه إليّ حول نقص النونات المرسومة واحدة ، أنها مرسومة في النسخ القديمة هكذا (نون والقلم وما يسطرون)، ولم يعرض صورة لهذه الكلمة في النسخ القديمة. وإذا لم يعرض هذه الصورة يكون ادعاؤه باطلا." ولم يعرض ذلك حتى تاريخ نشر هذه الرسالة".

7) وأما الأخطاء التي صُححت له فهي كثيرة ، ويعنيني منها ما صححتـُه له، ومنها: آ- لما اطلعت على أول جدول أصدره عام 1976م، كان فيه إحصاء حرف الحاء في سورة فصلت 58 حرفا، وفي سورة الزخرف 45 حرفا، وفي سورة الأحقاف 37 حرفا، ولكني وجدتها كما يلي بالترتيب 48 فصلت "نعم بنزيادة عشرة عنده!!" و44في الزخرف، و36في الأحقاف، أعلمته بذلك في رسالة، ثُم أعلمني برسالة أنه بعد العد اليدوي وبالكمبيوتر تبين له أن الأعداد هي كما صححتها له، ولذلك عدّل أرقامه هذه في الجدول الثاني الذي وصلني منه، ومع ذلك تتبعته فيه وأصدرت كتابي سنة1981م، وصححت له أعدادا مرة أخرى تجدها في الكتاب المذكور، وتراجع مرة أخرى والتزم بمعظم ما صححته أيضا!!

ب. كان حرف العين في سورة مريم في جدوله الأول 122حرفا وصار في جدوله الثاني 117 حرفا!!

جـ. وحرف الهاء في سورة مريم في جدوله الأول 168حرفا ارتفع عدده في الجدول الثاني إلى 175 حرفا ( وهذه التعديلات عنده تمت بعد إشارتي إليها وتصحيحها).

وبعد أن أصدر جدوله الثاني للحروف المقطعة في أوائل السور تحققت من أعداد معظمها، وأرسلت ما وصلت إليه، وتبين لي في جدوله الثالث أنه أخذ بتصحيحاتي التالية: السين في سورة النمل، واللام في هود،والراء في يونس وهود ويوسف، والميم في الشورى والزخرف والجاثية، كما أخذ برأيي في إحصاء البسملات في أوائل السور كلها.

فهل هذه الأخطاء التي وقع فيها واكتشفتها وصححتها وقبلها تشهد على أنه رسول؟ بل هل يقع فيها رسول يوحى إليه؟ إنها تشهد على أنه إنسان عادي يصيب ويخطئ، وعلى أنه إنسان أوتي من العلم ما يؤتاه أمثاله من البشر غير المعصومين، وأنه لايختلف عنهم إلا بجلـَده على العمل وجهده وصبره على مشاق الإحصاء.

وإذا بقي هناك من يعتقد برسالته بعد كل ما ذكرته ، أو ذكره غيري، وما كشفته من أخطاء يتنزه عنها طلبة العلم، فعلى هؤلاء أن يقبلوا ما لا أدعيه ، وهو أنني شريكه، بل أعلى منه!!! " شيء مضحك.

وإذا كان قد كشف مظهرا إعجازيا من مظاهر الإعجاز في القرآن الكريم، فقد وفق الله علماء آخرين إلى كشف مظاهر إعجازية في القرآن: علمية أو بيانية أو تشريعية أو...أو عددية (فهناك من اكتشف إعجازا للعدد 17 "عدد الحروف المرسومة في الآية الأولى بعد البسملة من الفاتحة: الحمد لله رب العلمين" عبد الله جلغوم، والعدد سبعة عبد الوكيل كحيل، وكذلك علي حلمي موسى ، وعبد الرزاق نوفل، وأنا تحدثت في كتابي "معجزة القرآن العددية" عن مظهر إعجاز العدد 19 في نطق القرآن الكريم، وفي الأعداد الواردة فيه أفيجوز أن يدعي أحد هؤلاء ما ادعاه أخوك؟!

أبدلا من أن تكون هذه الكشوف براهين تمتـِّن العقيدة الإسلامية الصحيحة، ينحرف أخوك فيدعي الرسالة، ويتبعه آخرون على ادعائه، ويحيدون جميعا عن الإيمان الصحيح ؟!

هـ. وأزيدك دلالة على تخبط أخيك في الإحصاء، وأنه يصيب ويخطئ، أنه لما أعلمته باكتشافي لإعجاز الأعداد الواردة في القرآن وارتباطها بالعدد 19 " وقد صار أخوك بعد ذلك يضم هذا المظهر إلى نتائج إعجاز العدد 19، في كتبه، ونسب ذلك في كتابين من كتبه إليّ بالاسم..." لما أعلمته أراد أن يتحقق من هذه النتائج، وهذا من حقه بل من واجبه، وأبلغني أنه لم يجد إحصائي دقيقا وأرسل إليّ جدولا طويلا يضم كل الأعداد في القرآن! ولما تفحصت الجدول تبين لي أنه وكمبيوتره شطّا وشطحا بعيدا! فقد تخطيا أكثر من سبعين عددا زاغت عنها الأبصار، وأسوأ من ذلك أني وجدته في إحصائه للعدد2 في الآية 163 من سورة الأنعام يذكر أن هذا العدد ورد فيها أربع مرات، مع أنه تكرر حقيقة فيها مرتين فقط، " ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين، قل آلذكرين حرم الله أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين..." فعجبت من ذلك، من أين جاءه هذا الخطأ؟ لقد جاءه من إحصائه لكلمتـَي " الأنثيين مع كلمتي اثنين!! فما شاء الله على هذا الفهم!! أو لعل ذلك بسبب العجلة التي يقع فيها كثير ممن يحاولون تخطيء الآخرين في العد والإحصاء.

فكيف لمن يخطئ مثل هذه الأخطاء أن يدعي الرسالة وتلقيَ الوحي؟! وكيف يتقبل ذلك ذو عقل سليم وتفكير قويم بعد أن يتبن له كل ما ذكرت؟

وأؤجل الحديث عن إنكاره للأحاديث النبوية إلى رسالة أخرى بعد أن يصلني رد منك على رسالتي هذه.

أسأل الله تعالى أن يهدي قلبك ومن معك إلى الحق كما جاء في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين.

صدقي البيك

24/9/1994 السعودية الدوادمي- ثانوية الدوادمي