الثلاثاء، 29 أغسطس 2006

كتاب موت الغرب

موت الغرب
ü هذه هي الطريقة التي ينتهي بها الغرب!!
ü سيكون مهدُ الحضارة الغربية قبراً لها!!
ü يأتي يوم يسمي فيه المؤرخون «حبة منع الحمل» باسم «قرص انتحار الغرب»!
عرض: صدقي البيك
وهل يمكن للغرب بدوله المتقدمة حضارياً أن يموت؟
ولمَ لا؟ فقد ماتت أمم كثيرة من قبل، وانهارت إمبراطوريات وتمزقت أخرى قديماً وحديثاً. ماتت شعوب صغيرة بعقوبات إلهية وبكوارث طبيعية، وتقلصت إمبراطوريات حديثاً بعوامل حربية أو تمزقت اتحادات ضخمة بغير عوامل الطبيعة أو الحروب!!
وأما موت الغرب في هذا الكتاب فلن يكون بالأمراض الوبائية ولا بالحروب المدمرة ولا بالكوارث الطبيعية. والغرب في هذا الكتاب يضم دول أوروبا الغربية والشرقية وأمريكا واليابان (كل من يصطبغ بصبغة الحضارة الغربية وأمراضها الاجتماعية).
يقف السيد باتريك بوكانن مطلاً على هذه الدول التي يزيد سكانها على مليار نسمة، وبلغت من الرقي والزينة حتى ظن أهلها أنهم قادرون عليها، متحسراً عليها وهو يراها تهرم وتتلاشى جيلاً بعد جيل وسنة بعد أخرى!! فيحز ذلك في نفسه، فيصرخ في مواطنيها منبهاً محذراً من هذا الخطر الداهم الذي لم يأتهم من خارج حدودهم بل مما جنته أيديهم وصنعته ملذاتهم، مصدّراً كتابه بأبيات للشاعر ت. س. إليوت.
«هذه هي الطريقة التي ينتهي بها العالم بلا ضجيج بل بالأنين والنشيج.»
وقد أصدر كتابه هذا مع بداية القرن الحادي والعشرين في عام 2002م، وترجمه إلى العربية الأستاذ محمد محمود التوبة، ونشرته مكتبة العبيكان في الرياض في 528 صفحة عام 1426هـ/2005م.
وبوكانن يحدد في عنوان كتابه ثلاثة عوامل تؤدي إلى موت الغرب هي 1- شيخوخة المجتمعات الغربية. 2- تناقص السكان بسبب قلة الولادات عما يعوض الوفيات. 3- غزو المهاجرين إلى الغرب.
المعرضون للخطر
وفي الفصل الأول من كتابه يحدد لنا أبرز الدول الغربية التي يتهددها هذا الخطر فيشير إلى أن «عدد سكان أوروبا من أيسلاندا إلى روسيا 728 مليون نسمة.. وسوف يهبط مع حلول عام 2050 إلى 600 مليون نسمة، وترى دراسة أخرى أن هذا العدد سيكون 556 مليوناً في منتصف هذا القرن... وإذا بقيت معدلات الخصوبة الحالية (العقم) سارية فإن سكان أوروبا سوف يتناقصون إلى 207 ملايين مع نهاية القرن الحادي والعشرين!! وسيكون مهد الحضارة الغربية قد صار قبراً لها!» ويعزو ذلك التناقص في الولادت إلى «الاشتراكية التي تضمن لكل مواطن التقاعد من الدولة، وتجعل النساء قادرات على أن يكسبن أكثر من حاجتهن، فلا يبقين بحاجة إلى الأزواج، ولا يبقى الجميع بحاجة إلى أطفال يشكلون تأميناً لآبائهم وأمهاتهم في شيخوختهم»(!!)، فما حاجتهم ذكوراً وإناثاً إلى الأطفال؟!
ويفصل القول عن بعض دول أوروبا وما آلت إليه ديموغرافيتها فيذكر إيطاليا وروسيا وبريطانيا العظمى واليابان فيقول عن هذه الأخيرة: «سيهبط عدد سكان إلى 104 ملايين نسمة بحلول عام 2050، وسيكون عدد الأطفال اليابانيين حينئذ أقل من نصف عددهم في عام 1950، وستكون قد أصيبت بمرض آخر هو شيخوخة الشعب، حين يكون عدد كبار السن ثمانية أضعاف ما كان عليه عددهم في سنة 1950!! (الأطفال أقل من النصف والعجزة ثمانية أضعاف!!).
ويتساءل: أموت الغرب أمر لا مناص منه؟ أم هو تنبؤ؟ ويجيب: ليس موت الغرب تنبؤاً بل هو تصوير لما يحدث الآن، إنها مسألة رياضيات»!!
أين الأطفال؟
وفي الفصل الثاني يتساءل: أين ذهب كل هؤلاء الأطفال؟ بل هل جاؤوا لنسأل أين ذهبوا؟ إن أمهاتهم وأدْنهم قبل أن يولدوا، فهن يقضين شهواتهن غير متزوجات، أو متزوجات من غير تحمل عناء التربية والنفقة، ومن دون الحد من حريتهن في اقتناص المتعة والتنعم!! والشر كل الشر من حبوب منع الحمل «فقد يأتي يوم يسمي فيه المؤرخون «حبة منع الحمل» باسم «قرص انتحار الغرب»!! والشر كل الشر في عمليات الإجهاض التي تقضي على بقية الأجنة التي أفلتت ونجت من أسلحة دمارها الشامل «حبوب منع الحمل»!! ويضرب أمثلة على هذا الوباء الثاني، فيذكر أن ستة آلاف عملية إجهاض جرت عام 1966 في أمريكا، وقفزت إلى مائتي ألف إجهاض عام 1970م وإلى ستمائة ألف عام 1973، ويذكر أن 40 مليون عملية إجهاض أجريت في الولايات المتحدة منذ أبيح الإجهاض. ويحمّل المسؤولية في هذا التناقص في الولادات للاقتصاد الجديد (الصناعي)، ولإلغاء راتب الأسرة، وهيستيريا القنبلة السكانية، والحركة النسوية، والثقافة الشعبية التي تضع منع الجنس فوق سعادة الأمومة، وانهيار النظام الأخلاقي!
وينعى على أصحاب الثورة الثقافية (مدرسة فرانكفورت: جورج لوكاش، وأنطونيو غرامشي، وماكس هورخيمر، وتيودور أدورنو وإريك فروم، وويلهليم رايخ، وهير برت ماركيوز) الذين دعوا إلى التحلل من الدين وتعاليمه والأخلاق والوطنية.
الهجرات القادمة
«إن الغرف التي أعدت لأربعين مليون نسمة في أمريكا لم يولدوا (بالإجهاض) ملئت بالفقراء والغرباء القادمين من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية» فقد تقاطرت أفواج المهاجرين على أوروبا وأمريكا قادمين من إفريقيا وآسيا.
«ففي عام 1999 تسلل خمسمائة ألف أجنبي إلى الاتحاد الأوروبي بصورة غير شرعية»، «وفي الوقت الذي تنكمش فيه أعداد السكان في البرتغال وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان نجد أن عدد السكان في المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر سوف يزيد 73 مليون نسمة في خمسة وعشرين عاماً» وهو يرى أن أوروبا غزت إفريقيا واستعمرتها في القرن التاسع عشر، وها هي «إفريقيا «تغزو» أوروبا وتستعمرها»(!!) في القرن الحادي والعشرين.
وهو يتوقع «أن يهبط عدد سكان روسيا من 147 مليوناً إلى 114 مليوناً مع حلول عام 2050، وفي الفترة نفسها يزيد سكان الصين بمقدار 250 مليوناً، وأرض روسيا ضعفا مساحة الصين» ولعله بهذا يشير إلى أنه يتوقع هجرة من الصين إلى روسيا، أو من الدول التي كانت في نطاق الاتحاد السوفيتي (دول إسلامية) والتي سيصبح عدد سكانها بمقدار سكان روسيا وهم «أفتى وأكثر فحولة».
أوروبا في أرذل العمر
وسيشيخ سكان أوروبا وتصبح «رجلاً ميتاً يمشي»، بعد أن فقدوا عامل الرغبة في التضحية. وهذا المرض (عدم الرغبة في التضحية) انتقل إلى أمريكا «التي فقدت آلافاً من الرجال حين نزلت قواتها على شواطئ النور ماندي عام 1944م ولكنها، انسحبت من الصومال بعد خسارتها ثمانية عشر من رجال المغاوير في كمين نصب لهم»!!
ويتعرض لحل مسألة الشيخوخة، الذي نفذته هولندا وذلك بتشريع الانتحار بالمساعدة وبالقتل الرحيم الطوعي، الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2000م، حتى أن «الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 12-15 عاماً يحتاجون إلى موافقة الوالدين كي ينتحروا أو يحصلوا على مساعدة طبيب في ذلك، ولكنهم بعد تجاوزهم السادسة عشرة لا يبقون بحاجة إلى موافقة الوالدين»!! ويخشى «أن لا تلبث أمريكا طويلاً خلف هولندا»، فهذه هي إنسانية الإنسان عند الغربيين وحضارتهم.
ولا ينسى المؤلف أن يذكر في هذا الفصل حالة إسرائيل والبلاد العربية حولها، فيرى أن إسرائيل ستزيد في الربع الأول من القرن الحالي 1.2مليون نسمة، في حين يزيد جيرانها في خمس دول هي الأردن ومصر وسورية ولبنان والسعودية (2.62)مليون، فالأردن وحدها ستزيد في هذه الفترة 4.5مليون نسمة، وسيكون عدد الفلسطينيين في المنطقة 16مليوناً مقابل ستة ملايين يهودي إسرائيلي. ويقول «إسرائيل تواجه إسلاماً له تاريخ قديم بصفته ديناً مقاتلاً وشعوباً مستعدة للموت في سبيل قضيتها.
وفي فصلين آخرين يتحدث عن خشيته من أن تفكر المكسيك في استرداد ما قدمته في أوائل القرن التاسع للولايات المتحدة من أراضيها، كما يأسى لما يجري من حرب على ماضي أمريكا ومحاولة تدمير ذاكرة الأمريكيين وحرمانهم من معرفة أصولهم ومن أين جاؤوا.
اجتثاث المسيحية
وفي الفصل الثامن يخشى أن تجتث المسيحية من أمريكا، وهو يرى أن الشيوعية قد هزمت المسيحية الأرثوذكسية، في حين جعلت الكاثوليكية والبروتستانية من الرجل الأوروبي الغربي جداراً منيعاً لا تخترقه الماركسية!! ولذلك قبل أن يقهر الغرب يلزم اجتثاث إيمانه الديني من الجذور، وعلى هذا بدأت مدرسة فرانكفورت (أصحاب الثورة الثقافية ذوو الجذور الماركسية واليهودية) «بالتعاون مع التقدميين للاستيلاء على المؤسسات التي تشكل أرواح الشباب: المدارس والكليات ووسائل الإعلام الحديثة و... وبعد ذلك يستطيع يسار موحد أن يبدأ باجتثاث المسيحية من الغرب» ويستعرض المراحل القانونية التي تمكن هؤلاء من خلالها بحلول القرن الحادي والعشرين، من إبعاد «احتفالات الفصح ومناظر ميلاد المسيح وتراتيل عيد الميلاد والكتب المسيحية والقصص ومواكب الاحتفال والعطل الدينية، من مدارسنا العامة ومن الميدان العام»، وصاروا يستفزون المسيحيين بالرسوم والصور العارية والفن والسينما للسخرية من الإيقونات المقدسة عند المسيحيين. ويتساءل غاضباً «ماذا يمكن أن يحدث لو أنهم هزئوا بالمحرقة اليهودية بعرض صور كومبيوترية مختلطة لامرأة عارية تلهو مع قوات وحدات الحماية في معسكر أوشفيتز؟!» ويقارن المهانة التي وصلت إليها مقدسات المسيحيين في أمريكا، بمواقف المسلمين الرافضة بشدة والمانعة للإساءات الدينية في فيلم عن النبي أو «آيات شيطانية» لسلمان رشدي، ويذكر أنه «حين قيل للمسيحيين «في الإنجيل» «فليُدرْ له الخد الآخر» كان المقصود الإهانات الشخصية الموجهة للمسيحيين، لا الإهانات الموجهة ضد الله، فالمسيح نفسه استخدم السوط ليخرج صرافي الأموال من المعبد». ويعرّض بما وصل إليه هؤلاء من حقوق الشاذين جنسياً ومن الحقوق المدنية.
وأخيراً يتحدث عن أن المسيحيين في أمريكا، على الرغم من أكثر يتهم، مذعورون غلبتهم الثورة الثقافية (الماركسية اليهودية)، ففقدت أمريكا يقينها الأخلاقي وانتشر الفساد في أمريكا وأوروبا.
ويخلص إلى أن هناك أربعة أخطار تهدد بقاء الحضارة الغربية وهي «غزوات المهاجرين من العالم الثالث، وانقراض الشعوب الأوروبية، والتعددية الثقافية، ونشوء دولة كبيرة عالمية اشتراكية... وهذه القضايا هي التي ستهيمن على حياتنا فهل ستبقى أمريكا؟ وهل سيبقى الغرب»؟
وفي الجواب عن ذلك، يقول الله تعالى «وتلك الأيام نداولها بين الناس..» و«وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم، فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك، وما زادوهم غير تتبيب، وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد».
1-6

ليست هناك تعليقات: