القدس في شعر د. حيدر الغدير
بقلم: صدقي البيك
للأمكنة والبلاد مكانة مرموقة لدى الشعراء، فهي تحدد لنا في شعرهم ارتباطهم بهذه المواقع، ارتباطاً قلبياً وعقلياً وروحياً ونفسياً،هذا إذا كانت هذه المواقع ذات خصوصية في وجدانهم؛ وقد ينفرد كل شاعر بمواقع ومنازل لا يشاركه فيها غيره، يكون قد درج فيها، أو ارتبط فيها بروابط عاطفية مع آخرين.
وأما إذا كانت هذه المواقع ذات ارتباط عام يشترك فيه مع آخرين، من شعبه أو أمته أو الإنسانية كلها فسيكون لها في شعره وجود ومكانة تتسع وتسمو وتتعمق مع عمق وسعة وسمو هذه الروابط التي تشده إليها. وأهم هذه الروابط الرابطة الدينية التي تضفي على بعض الأمكنة هالة من القداسة تنص عليها الكتب الدينية المعتمدة، وإذا كانت هذه الكتب مما أوحاه رب البشر إلى من اختارهم من عباده، كانت هذه الروابط أقوى وأمتن، وإذا ضُمّت إلى هذه الروابط روابط التاريخ والأمجاد ازدادت رسوخاً وتجذراً.
وهذا هو شأن مدينة القدس، فقد حباها الله منزلة لا تطاولها فيها مدينة أو أرض أخرى، غير مكة المكرمة، فهي الأرض المباركة، والمبارك فيها، والأرض المقدسة، والمبارك حول مسجدها و...، وهذه القداسة والمباركة تمتد مع امتداد الإسلام، دين الله الذي اختاره لأنبيائه ورضيه لعباده.
وإذا كانت هذه الرابطة الروحية تمتّن علاقات المسلمين بالقدس التي فيها أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، فمن الأولى أن تكون مهوى أفئدة الشعراء المسلمين، وأن تهفو إليها نفوسهم، وتلهج يذكرها ألسنتهم فتتردد في أشعارهم، ويزيدها تغلغلاً في طيات وجدانهم أنها، هي وما ترمز إليه، كانت وتكون وستكون ميداناً لصراعات وحروب طويلة ومعارك حاسمة مع أعداء أقوياء وكثيرين، من فتحها على يدي الخليفة الثاني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وتحطيم القوى الصليبية في حطين، وكسر المد التتري الغولي في عين جالوت ... إلى معارك علامات الساعة المرتقبة.
إن القدس والأقصى وقبة الصخرة وبيت المقدس وفلسطين، وما تضمه من مدن ومواقع، وما تمتلكه من تاريخ مجيد وبطولات رائعة وانتصارات حددت مسارات التاريخ، كلها رموز تترادف في دلالتها العامة، وإن كان لكل منها دلالة خاصة.
وإذا تخطينا ما حفلت به دواوين شعرائنا القدامى من حديث عن هذه المدينة وما حولها، فلن نجد نهاية للحديث عنها في دواوين شعرائنا المعاصرين، فما أكثرهم، وما أوسع تناولهم لها ولقداستها ولمعاركها الماثلة في حاضرنا وفي وجداننا، ولكننا نجتزئ من هذا الاهتمام بها ما قدمه لنا شاعرنا الدكتور حيدر الغدير.
فقد اختار شاعرنا عنوان ديوانه الثاني (غداً نأتيك يا أقصى) ليعبر به عن مدى تعلّقه بهذا المسجد المبارك والمدينة المقدسة وأرض المحشر والمنشر، وقد كان هذا هو عنوان قصيدته الأولى في هذا الديوان.
فهو يحز في نفسه ما أصاب القدس من احتلال العدو الصهيوني لها، وإهاناته التي ألحقها بمسجدها ففجرت انتفاضتها الثانية، وتطاولُ الزمن على تقاعس العرب والمسلمين عن تحريرها فيجأر بمعاهدة الأقصى على عدم نسيانه، وعلى تحريره:
لعهدك أيها الأقصى/ وعهدك جمرة فينا / وحلم في مآقينا/ ينادينا فلا ننسى/
وكل خلية فينا هي الأخرى تنادينا:/ إلى الأقصى إلى الأقصى.
وهو في تلبية هذا النداء، وفي الوفاء بهذا العهد لن يكتفي بالكلام، بل سيكون حرباً على العدو تقضي على علوّه وجبروته:
سنأتي في غد ناراً/ وبركاناً وإعصاراً/
لنصنع مرة أخرى، وقد لاحت لنا البشرى، بعون الله حطيناً.
ويجمع بين رمز حطين التي كانت مفتاح تحرير القدس من الصليبين ورمز خيبر التي قضي فيها على الوجود اليهودي الكياني في الجزيرة العربية:
ونغضب غضبة كبرى / ونصنع خيبراً أخرى/ ونحمي الأرض والدينا.
وإذا كانت حطين تحطيماً للقوى الصليبية قديماً فستكون حطيننا الحديثة وخيبرنا الجديدة تحطيماً للكيان اليهودي الصهيوني في فلسطين:
نتبّر كل ما شدتم / وما قلتم وما خنتم/
ونمحوكم ونجعلكم حديثاً مر كالهمس/ وآلاً لاح كالأمس.
فهو متفائل بالنصر، ولم توئسه الهزائم التي ارتكبها المتخاذلون، فلا يطيل البكاء على ما فات ولا الندب على المصاب، ويحدد عوامل النصر التي نحملها قيماً ومبادئ:
غداً نأتيك يا أقصى / كتاب الله في يدنا ينادينا لموعدنا / وموعدنا صباح ظافر ضاحكْ
وموعدهم مساء خاسر حالك/ وإن الصبح آتينا وآتيكم /ليرديكم ويبقينا /فنمضي نعمر الدنيا
ونمضي نحرس الدينا.
ولن تمنع هؤلاء الصهاينة حصونهم التي يختبئون وراءها،ولا دباباتهم التي يحبسون فيها أنفسهم، ولا جُدرهم الواقية التي يحيطون بها مستوطناتهم:
سنأتيكم مع الفجر/ لنجعل صرحكم بدداً، ولا نبقي به أحداً/
ولن يحميْكمُ سور، ولا شجر ولا حجر، ولا نفق ولا حصنٌ
ولا إنس ولا جن، ولا حقل من الغرقدْ/ ظننتم فيه مخبأكم ومثواكم وملجأكم
فإن صباحكم أنكدْ/ وإن مساءكم أربدْ
فموتوا حيثما كنتم، وموتوا في حمى الغرقدْ
فوعود الله للمؤمنين بالنصر ووعيده لبني إسرائيل بالهزيمة وإساءة الوجوه والتتبير ... في طريقها إلى التحقق:
لنا عهد سننجزه، ووعد سوف نحرزه/ بأن النصر آتينا.
وهو واثق تماماً بأن النصر قادم يتمثل بالمآذن التي تصدح بالشهادتين، وبكل العالم والمدن الفلسطينية:
سنلقى نصرنا طلقاً/ يعانق حسنه الحقا/ ويقفو رعده البرقا/
على أهداب مئذنةٍ/ وفي أوراق سوسنة/ وفي أحلام رابية، وفي ماء وساقيةٍ/
وفي يافا وفي عكا وفي صفد وفي الرملةْْ
وفي النارنج والليمون والتفاح والفل /سقاها الطل في الليلِ
وفي الخيل التي تعدو/ وفي الطير التي تشدو.
فكل هذه المعالم والمرابع تحتفل بالنصر الذي تتلاقى فيه رايات الفتوحات والانتصارات السابقة واللاحقة:
فنلقى الفاتح الأولْ / أبا حفص بهيبتهِ/ ونلقى الفاتح الثاني/ صلاحاً في وضاءتهِ
ونلقى الفاتح الثالثْ/ فنعرفه بطلعته، وقامته التي شمختْ، وسطوته ورحمتهِ.
هذا الفاتح الثالث الذي ما زلنا ننتظره ونرقبه؛ لنسجد حينئذ شكراً لله الذي يهب كتائبنا وزحوفنا نصره المؤزّر.
وإذا كانت قصيدته هذه قد استوعبت كل ما في القدس وحاضرها، ومصابها، والآمال المعقودة على تحريرها وتطهيرها من دنس المحتلين، فإن قصائده الأخرى التي نظمها في مناسبات عربية وإسلامية، احتلت فيها القدس والأقصى وفلسطين أماكنها، فهي شغله الشاغل ومحركه الدائم وحافزه إلى التفاؤل الواثق الذي يظهر في كل قصائده.
فهو في قصيدته( لن نخذلك) عن شعب البوسنة والهرسك في أيام ثورته للتحرر من سيطرة الصرب واحتلالهم لبلاده، لا ينسى أن يبعث له بتحيات المسلمين والمجاهدين ومشاركتهم لهم بالآلام والآمال:
يا أيها الشعب الذي احتمل الخطوب وما استكان
حــيّــتـــك مـكـة والمـديــنـة والمـنـابـــر والأذان
والمسجد الأقصى وفرسان لهم في المجـد شـان
قالوا وقـد صـدقوا، فـزانـوا قـولهم والفعـل زان
المـجــد للأبــطـال والخـذلان تــوأمــه الجــبــان
وفي قصيدته (أمـل) يتحدث عن أحلامه السابقة، التي صارت واقعاً حياً، وعن آماله وأمانيه التي يتفاءل ويستبشر بتحققها قريباً:
أحلامـنا بالأمس واقـع يومنا وغـداً أماني يـومـنا تـتـحـقـّق
أملي الذي ملأ الجوانح بهجة ومشى بما أرجو وأزهو يغدق
وأمله هذا أن تثأر فيالق المجاهدين وقادتهم ذوو الهمم القعساء، فتقضي على الصهاينة حديثاً كما قضي على وجودهم السياسي في عهد الرسالة، فيقول:
أني سمعـت الثأر يدعــو أمتي فإذا صـداه، وقــد تهادى الفـيـلق
يمضي به ويــقـوده ذو هـمـّة للنصــر فيه أو المـمات تشــوّق
يطوي اليهود كما طوتهم خيبر وطوى قريظةَ يوم خانوا الخندق
وكل ذلك كائن في ميعاد قريب ومكان موعود محدّد، يتمثلّ فيه استكبار إسرائيل، ونشرها الفساد والظلم والطغيان والعلوّ على من حولها، ولا بد أن تكون الراية حينئذ ترفع كلمة التوحيد وتدعو إلى الأخذ بتعاليمه:
والموعد " الأقصى" وراية أحمد ستجوز آفاق السماء وتَخفق
وهذا القائد ذو الهمة يحقّق الله على يديه النصر المبين، وتعنو وجوه الصهاينة لأمره وتخضع لحكمه فيهم، وهو متواضع بعيد عن التكبر، وبذلك ترتفع على مآذن الأقصى نداءات (الله أكبر ) معلنة دخول المسلمين للمسجد كما دخلوه أول مرة:
ولسوف يعلو فوق منبره ضحى للناس فـيه تشــوّف وتعلُّــق
والمسلمـون بـكـل أرض سُــجـّّد والله يحـفظ أمـرهم ويوفّــق
والفاتـح المنصـور بيــن جنــوده بالنصر زاه، بالوقار مطوّق
عنتِ الـيهــود لأمـره، وجـبـيـنـه لله عـان مستـكـيـن مـطـرق
وعلا على الأقصى الأذان مظفراً فإذا العيون بدمعها تغرورق
وتتراءى له القدس في كل ميدان، وفي كل مشهد يدل على القوة والفروسية، فهاهو يرى في قصيدته(صباح مؤمن)فارساً على صهوة جواده، فيشغله هذا المشهد من مشاهد القوة والفروسية، فيرى في هذا الفارسِ أحدَ قادة المسلمين الفاتحين، فينسى آلامه وأحزانه التي تلفه وتلف القدس والديار المحيطة بها، ويجري معه حواراً عن هويته والآمال المعلقة عليه، فيقول:
أطرقت في أسف حزيناً مَوهناً والليل يمضي مثل حالي مُوهَنا
والقدس أحزان تطول ثقيلة تغشى الديار وأهلها والأعينا
ولمحت في الظلماء صهوة فارس يعدو فيسبق نفسه حتى دنا
"من أنت؟" قلت: أخالد أم طارق؟ أم سعد أم عمرٌو؟ أجبني. إننا
نهفو لمثلك، نحن حولك أمة طالت مواجعها وطال بها العنا
والقدس ترقب مثل سيفك ظافراً والناس، والتاريخ يرقب والدنا
ماذا؟ ومن؟ ومتى؟ وأين الملتقى؟ فأجاب: حيث المسلمون، وههنا
وشاعرنا يرى أن القدس يحررها بالسيف شهم مثل هذا الفارس، يتحدى الخطوب فيثخنها جراحاً، ويجعلها مثل خيبر، ويستأصل جذور الفساد فيها والاغتصاب والعدوان:
القــدس للشـــهم الــذي يأتي لها وبها كما يأتي من الليـل الســنا
القـــدس للشـــهم الـذي يأتـي لها بطلاً يفـدّيـــها بأنفس ما اقـتـنى
قصدتْه غاشية الخطوب فردها مكلومة ترجو رضاه، وما انثنى
يزداد عزماً كلما عصف الأذى فإذا تــحــداه تحــدى المـمـكـنـا
للقدس يـوم مثل ـخـيـبـر ظافـر يأتي به شـــهم شــجاع ما انحنى
يا قدس، موعدنا صباح مؤمن يأتي به الأنجــاد نضـراً مـؤمنا
وهو دائماً يرى أن هذا الفتح والتحرير لن يتما إلا بالقوة التي تقضي على الاحتلال، وتعمل لإعلاء كلمة الله، وبالإيمان الذي يصنع العجائب في نفوس حملته فيكونون جديرين بنصر الله تعالى لهم، بعد أن يكونوا قد نصروا دينه، وأعلوا كلمته، فهم قد أتوا بهذا الصباح المؤمن و:
صنعـوه من نصـر تـزيّـن بالتّـقى وتــزيّـنوا للقـائـه وتــزيّـنا
هم مؤمنون ومحسنون، فهل ترى نصراً لهم إلا نبيلاً محسناً؟
وهو هكذا دائماً متفائل، لا تقنطه قوة عدو، ولا يوهنه ضعف حاكم مسلم، ولا تخاذل من يثبّط الهمم، فالمسلمون إلى خير وإلى نصر وإلى عودة إلى المجد، فيقول في قصيدته (رسل الزمان):
ما زلت رغم غوائل الظلمات والبغي، أُقسم إن صبحي آت
آت، وإن جار العداة وأسرفت أنياب هم في الأهل والحرمات
المسلمون هم الخلود وسل بهم مر الــزمـان قـديـمـه والآتــي
المســلــمـون كتـيـبـة أبـــديـّــة ميـمـونـة الغدوات والروحات
وثـّـابـة بـعـد الـعـثـار عـنـيـدة مـحـمـيـة مـن هـلـكة وشـتـات
هم يضعفون عن المعالي مرة أو يهزمون لدى الوغى مرات
لكنهم....
يـتـجــددون ويــولــدون أعـــزة بين الصعاب وفي لظى الغمرات
ومن يقينه بتفاؤله يقسم الأيمان على طلوع فجر أمته:
فظللت أقسم أن صبحي قادم وجذاه زيت الحق في المشكاة
وفي قصيدته( إلى الثالث الميمون) التي تناهز مئة بيت يضع مقدمة نثرية يتحدث فيها عن " الذي سينقذ القدس من الاحتلال اليهودي"، ويكرر فيها اسم القدس ورموزها فلسطين والأقصى... ثلاث عشرة مرة، ويستعرض ما قدمه الفاتح الأول عمر، وما صنعه الفاتح الثاني صلاح الدين، ويبحث عن ثالثهما:
وثالثهم لم أبصر اليوم وجهه ولكـنـه بــــدر السـمــاء إذا تـمّــا
من الثالث الميمون؟ اَلله وحده سيأتي به نعمى ويأتــي به رغما
أناديه: أقــدم، إن حـولك أمـة رأتك الأب المقدام والخال والعمّا
فيا أمّتي تيهي، ويا مجد كن له سواراً، ويا أعراس كوني له يوماً
ولا يقتصر تناول شاعرنا لقضية القدس على ما ورد في ديوانه هذا،فهو في قصائد ديوانه الأول (من يطفئ الشمس؟) أيضاً لا يغفل الحديث عن فلسطين، على رغم غلبة الإخوانيات والروحانيات على قصائد هذا الديوان، فهو في قصيدته (أين المفر؟) يتحدث عن انسحاب الصهاينة من غزة عام 2005 م، تحت ضربات المقاومة، وتخريبهم بيوتهم بأيديهم قبل أن تصل إليها أيدي المؤمنين،وبكاء شارون والصهاينة على انسحابهم، فبقول:
يا من بكى دمعة خرساء حمراء غداً ستبكي دماً صبحاً وإمساء
فأنت من جـاء للأقـصى فدنّـسه وأوسع النـاسَ تـنـكيلا وإيـــذاء
وهو يبدي تفاؤله واستبشاره بالتحرير القادم عاجلاً بدءاً من غزة، التي تحررت، وقد جاءت الأحداث في بداية عام 2009 تؤكد أن قوة الجيش الصهيوني تحطمت على صخرة صمود المقاومة والشعب في غزة، فيقول:
في غزة بدأ التحــرير رحــلته مواكـبـاً لا تــرى فيـهـن إبـطـاء
حتى يحرر كل الأرض منطلقاً كالرعد محتدماً، والبرق وضّاء
فأيــن تهـرب مـنـه؟ إنـه قـــدر والله مــرســـلـه للـبـغي إفــنــاء
فاحمل لقومك نعشاً، إنهم خُشُب ظـلّــت مسـنّــدة عجفاء جـوفاء
وكذلك يتحدث طويلاً عن القدس في قصيدته ( صلاح الدين) من ديوانه الثالث الذي سيصدر قريباً، وهل يمكن أن يجري الحديث عن صلاح الدين وبطولته من غير أن يتطرّق إلى تاريخ فلسطين والاحتلال الصليبي للقدس الذي استمر تسعين عاماً، ولبعض أجزاء من فلسطين مئتي عام؟ وهل يمكن أن يمر الحديث عن صلاح الدين من غير أن يُربط بتحريره للقدس من أيدي الصليبين الأملُ في تحريرها حديثاً من أيدي الصهاينة بنفس الطريقة ( القتال)، وبنفس الروح والعقيدة (الإسلام)، وبنفس الإعداد والاستعداد؟!
وبعد أن يستعرض مجريات الأحداث في فترة الاحتلال الصليبي، ثم وصول الاستعمار البريطاني على يدي الجنرال أللنبي إلى القدس، يقول:
ومضت فترة وزدنا انتكاساً فإذا باليهود ملء الساح
أخذوا القدس غدرة لا اقتداراً في سعار من حقدهم لفّاح
ويلتفت إلى صلاح الدين يخاطبه:
ســوف نـقـفـو خـطاك مهما بذلنا واعــتــدى ظـالـم وخــذّل لاح
لـنـعيد الأقـصى الـعـزيـز عزيزاً وهو ضاح ونصرنا فيه ضاح
عــــوّدتــنـا رحـــابــه أن فــيـها مــصـرع الـمـسـتـبـد والسـفاح
ويعود إلى أمله وحلمه وتفاؤله:
فــي غــد يـنـطـوي اليهود، ونبقى إن حـكم الأقــدار مـُـبـق ومـاح
وأخيراً، إذا كان بعض أصحاب القرار وبعض حملة الأقلام يرون أن تحير القدس بعيد أو لا يتم إلا بالتفاوض أو التنازل ، فإن شاعرنا الدكتور حيدر الغدير لا يرى غير القتل للمحتلين الصهاينة حلاً لتحرير القدس، فيقول من قصيدة وجهها لشارون:
أيها الراكضون في القدس تيهاً أنــتــم الـواهمون والأغــبياء
أيها المعـتـدون، مـا دام ظـلــم يولد الظــلــم وهــو داء عياء
فاحذروا إننا طـلائـــع زحــف جنده الأروعــون والأتــقـياء
وارحلوا قبل موتكم أو فموتوا حــيــث شئتـم فسيفـنا المحّاء
******************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق