الأربعاء، 24 أبريل 2013

الصهيونية أوجدت إسرائيل!!


الصهيونية أوجدت إسرائيل!!

إن معركتنا مع إسرائيل واليهودية الصهيونية موغلة في القدم ولكنها حديثًا بدأت قبل أكثر من قرن، تأخذ بعدًا عمليًّا واضحًا.
 وعدونا قوي ماديًا، وعنده قوى كبيرة تدعمه عسكريًّا وماليًّا، وبشريًّا وسياسيًّا، وستمتد معركتنا معه إلى أجيال، ولذلك فنحن بحاجة إلى أن نعرفه بدقة، وهذه المعرفة عامل من عوامل الانتصار عليه.
ومن هذا المنطلق علينا أن نعرف ما يحركه وما يدفعه إلى العدوان علينا، وما الأسس التي قام عليها تكوينه وأقام عليها دولته؟
مصطلحات متقاربة:
إن أمامنا ثلاثة مصطلحات متقاربة متداخلة، لا بد من التفريق الدقيق بينها، وهذه المصطلحات هي "الصهيونية واليهودية والإسرائيلية". ومع اختلاف هذه المصطلحات فلا مانع من استعمال أحدها مكان الآخر للتقارب بينها، ولغلبة ما يدل عليه كل منها على معظم ما يدل عليه الآخر. فاليهود الذين ليسوا صهيونيين قليلون.
 الصهيونية:
إن الصهيونية تمثل العدوان على العرب والمسلمين، وهي عدو محارب، إنها حركة عنصرية تنطلق من عقيدة اليهود بأن المسيح المخلص (وهو غير المسيح عيسى عليه السلام، هو المسيح الدجال في المفهوم الإسلامي) سيأتي في آخر الأيام ليعود بشعبه إلى أرض الميعاد ويحكم العالم من جبل صهيون. وأول من استعمل مصطلح الصهيونية حديثًا هو الكاتب اليهودي الألماني ناثان برونباوم عام 1890م.
 المؤثرات في تكوين الفكر الصهيوني:
1- صهيونية غير اليهود: كان السياسيون النصارى قد بدؤوا من القرن السابع عشر يفكرون بإيجاد كيان لليهود في فلسطين (أو في غيرها).
 2- عنصرية الفكر الغربي في القرن التاسع عشر: عندما تضخم المفهوم القومي العنصري لدى كل شعب من شعوب أوروبا، تحرك العنصريون اليهود الذين يرون في اليهود وحدة قومية يجمعها دين واحد وعرق واحد.
 3- إحساس هؤلاء الصهاينة بحاجتهم إلى "مشروع استعماري غربي يساعدهم على تحقيق مشروعهم القومي"، ولذلك كانوا يعتمدون على الحكومة الألمانية حينًا والروسية حينًا آخر لإقناع السلطان العثماني بالسماح لهم في الاستيطان في فلسطين.
 وقد نجحت الصهيونية فعلًا بالحصول على وعد بلفور.
 4- العقيدة اليهودية وما في التوراة من تعال على الشعوب الأخرى "شعب الله المختار"!! وما فيها من نبوءات عن مجيء المسيح وإقامته كيانًا ودولة لليهود في آخر الزمان، وما في التلمود من ادعاءات وتفسيرات.
 ولعل هذا المؤثر هو الأول من حيث تأثيره وكونه مستقرًا في أعماق كل يهودي مع اختلافهم في التأويل والتفسير، فهم جميعًا يؤمنون بالهالاخاة (الشريعة اليهودية) التي تتخذ صياغتها الشكل التالي (النفي - والانتظار وعودة الماشياح وعودة المنفيين) أي أن ينتظر اليهود بعد نفيهم إلى أن يأتي الماشياح ويعود المنفيون، ولكن الفكر الصهيوني قام بتعديل في هذه السلسلة فقدم عودة المنفيين فأصبحت على الشكل التالي (النفي - والعودة للإعداد لعودة الماشياح - والانتظار وعودة الماشياح). ولعل هذا الاختلاف في الترتيب هو الفارق الأساسي بين الصهيونيين وبين اليهود غير الصهيونيين، ومن هؤلاء حركة ناطوري كارتا التي ترى أن قيام دولة إسرائيل مخالف لإرادة الرب.
 زعماء الصهاينة:
1- ليوبنسكر 1821 - 1891: وهو طبيب يهودي روسي، ومعه ليلينبلوم الكاتب الروسي 1864 - 1910م وهما يعتمدان في دعوتهما للصهيونية على فكرة الشعب العضوي المنبوذ.
 2- تيودور هرتزل (1860 - 1905م): وهو صحفي يهودي مجري، وألف كتاب "الدولة اليهودية". وقال: إن الحل الجذري للاضطهاد اليهودي يكمن في إقامة دولة مستقلة لليهود".
 وقد قال هرتزل تعليقًا على مؤتمر بال 1897م "لو طلب إلي تلخيص أعمال مؤتمر فإني أقول بل أنادي على مسمع من الجميع: إنني قد أسست الدولة اليهودية" الموسوعة الميسرة.
 وقد حضر هذا المؤتمر مندوبًا عن جمعية أحباء صهيون، وفيهم أدباء ومهنيون وطلبة ورجال أعمال وأثرياء، وحاخامات، وانتخب هرتزل رئيسًا للمؤتمر وللمنظمة الصهيونية العالمية، ولجنة تنفيذية من 15 عضوًا ولجنة مصغرة من خمسة أعضاء.
 وأوصى المؤتمر بعدة وسائل لتحقيق "إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين تحت حماية القانون العام".
 ومنها اتخاذ خطوات تمهيدية للحصول على موافقة الحكومات باعتبار أن ذلك ضروري لتحقيق الهدف الصهيوني.
 وقد قام هرتزل بمساع حثيثة لتنفيذ هذه الوسائل، فسعى جاهدًا وبوساطات عديدة لمقابلة السلطان عبدالحميد، بلغت ست محاولات حتى عام 1904م، وباءت كلها بالإخفاق، وإن تمكن في بعضها من مقابلة السلطان بصفته صحفيًا، مع عروض مغرية، ولكن السلطان رفض هذه المحاولات والمغريات.
وهذا المؤتمر الصهيوني الذي عقد لأول مرة في بال، صار يعقد كل سنة، أو كل بضع سنوات في مدن أوروبية متعددة، وعقد المؤتمر التاسع والعشرون عام 1978م.
 3- حاييم وايزمن: بدأ نجمه يلمع بعد وفاة هرتزل وزاد دوره عندما توجه اليهود نحو إنكلترا التي كان نجمها في صعود، وقد لها حاييم وايزمن خدمات عسكرية في أثناء الحرب العالمية الأولى، وهي اختراعه لمادة الأسيتون، فتمكن اليهود من الحصول على وعد بلفور.
 4- ومما يجدر ذكره أن من دوافع هذا الوعد صهيونية كثير من الساسة الأوروبيين وعقائدهم الدينية، فوايزمن يقول في مذكراته "لم يخطر على بال بعضهم أن رجالًا أمثال بلفور وتشرشل ولويد جورج كانوا متدينين في أعماق قلوبهم ومؤمنين بالتوراة وبأن عودة اليهود إلى فلسطين مسألة واقعية حقيقية؛ ولذلك فإنهم جعلوا ينظرون إلينا نحن الصهيونيين ممثلين لفكرة يحترمونها احترامًا عظيمًا".
 نجاحات الحركة الصهيونية:
سجلت هذه الحركة في عهد هرتزل القصير نجاحات منها؛ وضع اللبنة الأولى في إقامة الدولة اليهودية، وإنشاء المنظمة الصهيونية العالمية التي تنفذ برنامج الصهيونية في "إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام"، وتأسيس "الصندوق القومي اليهودي" عام 1901م بهدف توفير الأموال "لاستملاك الأراضي في فلسطين لتكون ملكًا للشعب اليهودي لا يمكن التفريط به".
 وبعد وفاة هرتزل تمكنت الصهيونية من زعزعة الدولة العثمانية وإطاحة السلطان عبدالحميد عام 1909م، وفي عهد وايزمن نجحت الحركة في الحصول على وعد بلفور، وفي جعل أول مندوب سام بريطاني في فلسطين صهيونيًا هو "هربرت صموئيل" في تموز 1920م، وفتح فلسطين لأفواج المهاجرين اليهود، ومنح اليهود مساحات واسعة من أملاك الدولة، كما أنشأت الصهيونية "الوكالة اليهودية" في فلسطين عام 1922م تنفيذًا لصك الانتداب البريطاني ومهماتها تطوير حجم الهجرة اليهودية، وشراء الأراضي في فلسطين.
 وأبرز نجاحات الحركة الصهيونية استصدار قرار تقسم فلسطين من الأمم المتحدة في 29/11/1947م وهو القرار الذي أعطى اليهود 56% من أرض فلسطين مع أنهم لا يملكون منها إلا 5% وعددهم 600 ألف، بينما أعطى العرب 43% من فلسطين وهم يزيدون على مليون ثلاثمائة ألف!!
 وكانت قمة هذه النجاحات قيام دولة إسرائيل عام 1948م، واستولت على نصف المساحة التي خصصها التقسيم للعرب، زيادة على حصتها، وطردت تسعمائة ألف فلسطيني من ديارهم، وفي عام 1967م أكملت احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة واحتلت شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان.
 مطامع الصهيونية التوسعية:
منذ قامت الحركة الصهيونية كانت ولا زالت تهدف إلى إنشاء (إسرائيل الكبرى) التي تمتد من الفرات إلى النيل بل إلى الفرع الغربي من نهر النيل، وإذا كانت قد استولت على كامل فلسطين، فإنها تسعى عندما تواتيها الظروف، لبناء الهيكل مكان الأقصى، وقد جهزوا حجر الأساس، وهذا من أهم شعاراتهم، فقد قال بن غوريون "لا قيمة لإسرائيل من غير القدس، ولا قيمة للقدس من غير الهيكل".
 هذه هي الصهيونية وهناك بعض الجمعيات والنوادي التي تتخفى وراءها، وقد استطاعت هذه الحركة التي بدأت بكتاب عن الدولة اليهودية، أن تقيم هذه الدولة بعد خمسين سنة، وإذا كانت الأمم المتحدة قد قررت بقرار تقسيم فلسطين، فإن الصهاينة هم الذين نفذوا وطبقوا بالقوة هذا القرار. وإذا تمكنا نحن من تطبيق وتنفيذ أي قرار يصدر لصالحنا بالقوة فلن تعرقل الأمم المتحدة عملنا، ولا ينفعنا أن نستجدي الأمم المتحدة أو الدول العظمى تنفيذ هذه القرارات، مهما كان الحق معنا والعالم معنا.
 وإلى أن نصبح قادرين على ذلك وعازمين عليه، فإننا منتظرون.




ليست هناك تعليقات: