الخميس، 29 مارس 2012

عمرك وكيف تحياه

عمرك.. وكيف تحياه؟
صدقي البيك

تاريخ الإضافة: 28/3/2012 ميلادي - 5/5/1433 هجري
خلق الله الزَّمنَ ليكون هو البعد الرابع للأشياء، خاصة الأشياء الحية، بعد الأبعادِ الثلاثة من طولٍ وعرض وعمق، وليكونَ هو الظرفُ الثاني للأشياءِ في وجودها بعد المكان.
والزمنُ هو الذي ترتبطُ به حياة الأحياء، في ولادتِها ونموها وتطورها، ثم وفاتها، ولولا الزمنُ ما كان لهذه الأحياء ما يميزها من الجمادات.
وحياةُ الإنسان مرتبطةٌ في وجودِها بهذا الزمن الذي يمكن أن نطلقَ عليه أيضًا اسم (الوقت).
ومنذ خلقَ الله الجماداتِ ومن بعد ذلك الأحياء، جعل حركةَ الجمادات مقياسًا للزمن، وقد سخَّر الله تعالى للإنسانِ هذه المخلوقات الضخمة ليستطيع - بما هداه الله وبما يراه من حركتِها المنتظمة - أن يقيسَ الزمن.
وعندما يسأل بعضُ الناس محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن حركةِ بعض أجرام السماء تجيئه الإجابةُ لافتة نظره إلى أهميتِها في قياس الزمن: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [البقرة : 189]، وكذلك الشمس والقمر، والليل والنهار (آلات) يقيس بها الإنسانُ وقتَه، كما في قوله - تعالى -: ﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [الأنعام : 96]، ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس : 5].
خصائص الوقت:
وللوقتِ خصائصُ ومميزات تجعله فريدًا أمام كثير من مخلوقات الله التي سخَّرها للإنسان.
• وأول هذه الميزات أنه يسيرُ دائمًا إلى الأمام، وبانتظام، ولا يستطيعُ الإنسان ولا أي مخلوق آخر أن يوقفَ الزمن، ولا أن يسرعَه أو يبطئه، ولا أن يرجعَه إلى الوراء، ولعلَّ من أكبر أمنيات الإنسان وأحلامه أن يتجولَ عبر الزمان تقدمًا ورجوعًا، أو أن يسافرَ إلى الماضي أو المستقبل كما يفعل عبر المكان.
وقد عبَّر أحدُ فلاسفة الغرب وكتَّابه الكبار في أواخرِ القرن الماضي، وهو "هـ.ج.ويلز" عن هذه الأحلامِ بقصةٍ من الخيال العلمي وهي "آلة الزمن Time Machine" ليحقِّقَ في أحلامِه القصصية أمنيةً مستحيلة، فيمخر بآلته عبر الزمانِ رجوعًا إلى الماضي، وتقدمًا نحو المستقبلِ المجهول يرتاده ويرى أحداثه.
ولكن هيهات ذلك للإنسان، فأنَّى له ذلك وقد جعلَهُ الله - تعالى - خاضعًا لمسيرةِ الزمن المنتظمة، لا مُخضعًا لها، وإذا كان جسد الإنسان خاضعًا لمسيرةِ الزمن، سائرًا في ركابِه، غير قادر على التقدمِ أو التأخر أو الانفلات منه، وغير قادر على تسريعِه أو تبطيئه، فهل روحُه كذلك؟ هل يطويها الزمنُ تحت جناحيه؟ أو أنها تمتطيه أو تستطيع الانفلات من قيودِه المفروضة على الأجسام المادية؟
هل يمكن أن نرى في قدرةِ روح الإنسان على التذكر عودة إلى الماضي؟ وهل يمكن أن نرى في رؤاه - مناماته - سياحة للروحِ في عالم الزَّمان مستقبلاً؟
كل هذه أسئلة تتعلَّقُ بالروح، وجوابها قول الله - تعالى -: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء : 85]، والإنسانُ يقسم الزمن إلى ثلاثةِ أقسام:
• ماض لا يعرفُ الإنسانُ بدايتَه، ويجهل معظمَ أحداثه.
• وحاضر قصير قصير، يلهثُ لاقتناصِه.
• ومستقبل طويل لا يعرفُ نهايتَه، ويجهل كل مجرياته.
• والسمة الثانية التي يمتازُ بها الوقت - خاصة الحاضر منه - هي سرعة انقضائه، فلا يكادُ المرء يدركُ الوقتَ الذي هو فيه حتى يطير من بين يديه، وزد على ذلك أن الوقتَ الماضي كله - على طوله - يراه الإنسانُ قصيرًا، فإذا سئل عنه أحسَّ بقصرِه، فعندما تساءل أهلُ الكهف عن الزمنِ الذي لبثوه وهو يزيدُ على ثلاثمائة سنة قدَّروه بيومٍ أو بعض يوم: ﴿ وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ ﴾ [الكهف : 19]، وليس هذا الإحساس بقصرِ الماضي وقفًا على الوقت المستغرق في النوم، فوقت اليقظة أيضًا يدخلُ في هذا الإحساس، وهذا ما يدركُه كلُّ واحد منا، وقد عبر عنه الشاعر العربي بقوله:
مَرَّتْ سِنُونٌ بِالْوِصَالِ وَبِالْهَنَا
فَكَأَنَّهَا مِنْ قِصْرِهَا أَيَّامُ
ثُمَّ انْقَضَتْ تِلْكَ السِّنُونُ وَأَهْلُهَا فَكَأَنَّهَا وَكَأَنَّهُمْ أَحْلاَمُ
ولا بد من التنبيهِ إلى أنَّ ميزانَ الإنسان الداخلي لقياس الزمن يتأثَّرُ بحالته النفسية، فهو إذا كان سعيدًا مسرورًا أحسَّ بسرعة انقضاء حاضره، وإذا كان كئيبًا تطاول عليه الزمنُ وضاق به ذرعًا، فهذا الشاعرُ ابن خفاجة، ومثله كثير من الشعراءِ يصور إحساسَه بطولِ ليله الكئيب:
تَطَاوَلَ حَتَّى قُلْتُ لَيْسَ بِمُنَقَضٍ وَلَيْسَ الَّذِي يَرْعَى النُّجُومَ بِآيِبِ
ويكفينا أن نذكرَ كلمةً تحكى عن نوح - عليه السلام - وقد لبث في قومِه ألف سنة إلا خمسين عامًا، فعندما سئل: كيف وجدت الدنيا؟ أجاب: كدارٍ لها بابان؛ دخلتُ من أحدِهما وخرجتُ من الآخر!
وهذا الزمن الذي لا يسيرُ إلا إلى الأمام لا يستطيعُ أحد من البشرِ أن يعودَ به إلى الوراء، فما مرَّ منه فقد انقضى ولا عودة، وما ضاع منه فلا يُستعاد، ولذلك يردُّ الله - تعالى - على من يتمنَّى استرجاعَ ماضيه بالرَّفض: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون : 99 ، 100]، وفي الآخرةِ ترى الذين أضاعوا حياتَهم الدنيا يتمنون أن يعيدَهم الله إلى الدنيا؛ للتعويضِ عمَّا فاتهم، فلا يُجابون إلى ما يطلبون؛ ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة : 12]، وهذا أبو العلاء المعري يصوِّرُ عجزَ الإنسانِ عن استرجاع أقرب يوم إلى حاضرنا وهو اليوم السابق ليومنا:
أَمْسُ الَّذِي مَرَّ عَلَى قُرْبِهِ يَعْجِزُ أَهْلُ الْأَرْضِ عَنْ رَدِّهِ
ويعد الوقتُ أغلى شيء وضعه الله تحتَ تصرفِ الإنسان، وقد جاء هذا الغلاء من كونه لا يرجعُ إذا مضى، ولا يُعوَّضُ إذا ضاع، بينما يستطيعُ الإنسانُ أن يعوضَ كلَّ شيء آخر بما يغني عنه، ولذلك عبر أصحابُ الحكمةِ عن هذا الغلاء فقالوا: "الوقتُ من ذهب"، فقرنوه بأغلى شيء مادي يعرفه البشر، ولا يعرفُ قيمةَ هذا الوقت وغلاءه إلا الذين فقدوه وأضاعوه، ولات ساعة معرفة، وذلك عند الموت، وهم يعرفون أنه لا عودةَ للماضي، فيتمنون أن ينسأ لهم في أجلِهم ويمد لهم في عمرِهم؛ يقول الله - تعالى -: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون : 10]، وبسبب هذه الخصائص كان للوقتِ أهمية عظيمة لا بدَّ للإنسان أن ينظرَ إليها باهتمام، ويحسب لها حسابًا شديدًا وهو يعملُ في نطاقِ الزمن.
أعمار البشر:
يمكن تقسيمُ الوقتِ الذي يعطيه الله للإنسانِ إلى ثلاثة أقسام:
1- عمره الدنيوي: وهو الأعوام والأيام التي تمتدُّ من ولادتِه حتى وفاته.
2- عمره البرزخي: وهو الممتدُّ من لحظةِ وفاته حتى بعثِه في الآخرة.
3- حياته الأخروية: التي تمتدُّ من بعثِه إلى ما شاء الله.
وهذا القسمُ الأخير هو المستقبلُ الحقيقي والأساسي لكلِّ إنسان، وفيه يكون الجزاء على ما قدَّمَ في الدنيا، والخلود في هذا الجزاء، أما عمره الأوسط (البرزخي) فهو إرهاصٌ لما سيكون عليه مستقبله الأخروي، فكأنه تهيئةٌ وإعداد لهذا الإنسانِ للتعامل والتأقلم مع جزائه في الآخرة، وأمَّا عمره الدنيوي فهو الذي يُعطى فيه حرية التصرف والمسؤولية، وفيه يعمل، وعليه يُحاسَب، وهو الوقت الذي يمكنُ أن يكسبَ أو أن يضيع.
تنظيم الوقت:
يعد اليوم الوحدة الأساسية لقياسِ عمر الإنسان، ولا بد لكلِّ فردٍ من البشر أن ينظمَ وقته بتنظيم يومه؛ لئلا يضيع عليه شيءٌ منه سدًى، وهو بحاجةٍ إلى جزء من يومه ليعمل فيه وينتج ما يكفيه لشؤون حياتِه الجسدية؛ من مأكلٍ ومشرب وملبس ومأوى.
وقد يستغرقُ هذا الجزءُ ثلثَ يومه في الظروفِ العادية، وجسده المتعب نتيجة للجهودِ المبذولة في هذا السبيل بحاجةٍ ماسة إلى الراحةِ المطلقة، التي لا يستغني عنها الجسدُ والعقل، وهذه الراحة هي النوم الذي جعله الله للناسِ سباتًا وليسكنوا فيه؛ يقول الله - تعالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا ﴾ [الفرقان : 47]، ويلزم للإنسان أقل من ثلثِ اليوم لنومه، ويبقى بعد ذلك ثلث اليوم، وهو الوقت الذي يمكنُ أن يكون قسمٌ كبير منه وقتَ فراغ، يصرف منه المسلمُ ساعات متفرقة على عباداته اليومية المفروضة.
وقت الفراغ:
هذا الوقتُ هو الذي يمكن أن يضيعَ في أنواعِ اللهو التي لا يليقُ بالمسلمِ أن يأتي بها، والتي نهى عنها الإسلام؛ كاللعبِ بالنرد والورق، والاستماع إلى الغناءِ الماجن وتربية الكلاب و...، كما أنَّ استنزاف الساعاتِ الكثيرة في متابعةِ الألعاب الرياضية أو مشاهدة شاشات التلفزيون يدخلُ في هذا الوقتِ الضائع، وإذا توافر للشبابِ مع هذا الفراغ شيءٌ من المال والقدرة فسدت أعمالُه كما يقولُ أبو العتاهية:
إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَةْ مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَةْ
والحقيقة أنَّ كلَّ أعمال الدنيا والعلوم المادية التي لا تدع للإنسانِ وقتًا، وتشغله عن الإحاطةِ بعلوم الدين الضرورية للمسلم، وعن تأدية العبادات المفروضة عليه - تعدُّ من مُضيعاتِ الوقت.
ولكن هذا لا يعني أنَّ الإسلامَ يمنعُ الرياضةَ ومشاهدة التلفزيون والعلوم المادية، ولكن يعني عدم الإفراط فيها، وهو ما يؤدي إلى التفريطِ في أمور أخرى، فالأفضل ألا يكون هناك إفراطٌ ولا تفريط، والرسول- صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يرضى الإفراطَ في العبادةِ والانقطاع إليها عن أمورِ الدنيا، فقد نهى ثلاثةً من الصَّحابةِ عن ذلك، وقال لهم: ((إنما أنا أخشاكم لله وأتقاكم، ولكني أقومُ وأنام، وأصومُ وأفطر، وأتزوَّجُ النساء، فمن رغبَ عن سنتي فليس مني))؛ رواه البخاري.
فهذا هو التوازنُ الذي يدعو إليه الإسلامُ والذي يتمثَّل في قولِ الله - تعالى -: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [القصص : 77].
قتلة الوقت:
وهؤلاء الذين يقضون أوقاتَهم في اللهوِ البريء أو غير البريء، ولا يتورَّعون عن القول: "إننا نقتلُ الوقتَ ونتسلى"، هؤلاء حقيقة هم قتلة لأغلى ما يملكون وما يحتاجون إليه، إنهم يبذرون رأسَ مالِهم، ويبددون أيامَ عمرِهم، ولا يدرون أنهم بذلك يحثون الخطى إلى آجالهم:
الْمَرْءُ يَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ يَقْطَعُهَا وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ
هؤلاء فيهم عيوبٌ يتَّصفون بها؛ منها الغفلة، بل هي مرضٌ فتَّاك إذا أصاب إنسانًا قضى على وقتِه، فصاحب الغفلة يفتقرُ إلى الإحساسِ بالأحداث ووعي الأمور، ولا يدركها إلا بعد فواتِ الأوان، ولات ساعة مندم.
ومنها التسويف، فهو يعرفُ ما يُطلب منه وما يجب عليه، ولكنه يؤجِّلُ التنفيذَ ظنًّا منه أنَّ الزمنَ بيده ومتسعٌ أمامه، وبذلك تمرُّ الساعاتُ والأيام وهو يؤجِّلُ ويؤجل حتى يفوتَه الوقت، وهو لا يدري بذلك، وقد عدَّ بعضُ المتكلمين (سوف) من جندِ إبليس، فمن يضمن للمسوفِ البقاءَ إلى المستقبل؟ وإذا عاش فمن يضمنُ له الأمنَ من المشاغلِ والمعوقات؟ حتى قال أحدُ الشعراء:
وَلاَ أُؤَخِّرُ شُغْلَ الْيَوْمِ عَنْ كَسَلٍ إِلَى غَدٍ، إِنَّ يَوْمَ الْعَاجِزِينَ غَدُ
أولا يعلم المسوِّفُ أنَّ لكل يوم عملاً؟ فإذا أجل عملَ يومِه إلى غده لم يجد في غدِه متسعًا لعملِ يومين! وقد فطنَ إلى ذلك عمر بن عبدالعزيز عندما بدا عليه الإرهاقُ من كثرةِ العمل في أحدِ الأيام، فقيل له: أخِّرْ هذا إلى الغد، فقال: لقد أعياني عملُ يومٍ واحد، فكيف إذا اجتمع عليَّ عملُ يومين؟
ومن هذه العيوبِ أيضًا: شتم الزمان، وتحميله المسؤولية وإلقاء اللوم على الدهر، وبذلك يتجسَّدُ الدهر لدى هؤلاء كأنه عدوٌّ لهم أو حاكم ظالم يتصرَّفُ بعشوائية؛ يقول في ذلك الإمام الشافعي:

نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالْعَيْبُ فِينَا وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا
وَنَهْجُو ذَا الزَّمَانَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَان لنَا هَجَانَا
أليس مضيعو الوقتِ هؤلاء بحاجةٍ إلى هذه الأيام والساعات؟ أليس لهم مستقبلٌ أخروي ينبغي عليهم أن يبنوه ويخططوا للفوزِ فيه؟ أغرَّهم ما قدموه من خيرٍ زهيد فحسبوا أنه يكفيهم للنجاةِ في الآخرة؟ ألا يدخل هؤلاء في عدادِ السُّفهاء الذين يُحجرُ عليهم لو كان ما يملكونه شيئًا ماديًّا؟ ولكن ما الحيلة معهم؟ ليس لنا إلا أن نتوجَّهَ إليهم بالنَّصيحة، والتذكير بأنَّ الموتَ يأتي فجأة، وأنَّ الشيطان يقفُ للإنسان بالمرصاد ليزل به من حيث يدري أو لا يدري.
فالتزم يا أخي المسلم بقولِ رسولنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتَك قبل موتك، وصحتَك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هَرَمِك، وغناك قبل فقرِك))؛ رواه أحمد والنسائي والبيهقي والحاكم.
تنظيم الإسلام للوقت والفراغ:
لقد علَّمنا الإسلامُ في كلِّ العبادات كيف ننظم الوقتَ وكيف ننتبه إليه فلا نفاجأ بانقضائه، فالحجُّ والزكاة تنظيم سنوي للوقت، والصيام تنظيم يومي لمدةِ شهر، وفيه تتعلق العيونُ بظهورِ الهلال وبزوغ الفجر وغروب الشمس أو تنصِتُ الآذانُ لصوتِ المؤذن، ليبدأ المسلمون عملاً أو يتوقفوا عن عمل، وهم يحسبون الوقتَ بالدقائق والثواني، ولا يفرطون في القليل منه تأخيرًا ولا تقديمًا، والصلاة هي المنظِّمُ الأساسي للوقتِ يوميًّا وعلى امتدادِ ساعاته من الفجرِ إلى غسق الليل، مرورًا بطلوعِ الشمس وزوالها وغروبها، فهذه المفاصل الزمنيَّة تحدد لهم بداياتِ وقت الصلاة أو نهايته، ويلتزمون بذلك بدقةٍ فلا يتقدَّمون ولا يتأخرون، فكلُّ وقت عندهم بمقدار.
وهكذا؛ فلا يكادُ المسلم يسهو أو يشرد ذهنُه في زحمةِ الأعمال حتى يأتيه صوتُ المؤذِّنِ ينبهه إلى أنَّ جزءًا من اليومِ انقضى، فلا تضيع الباقي وأدِّ ما عليك فقد آن الأوان.
هذا من حيث تنظيم الوقت، فكيف ينظِّمُ المسلمُ فراغَه؟
في الحقيقة إنَّ الأمور الخمس التي أمرنا الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - باغتنامها؛ ومنها الفراغ، هي نعمٌ أنعم الله بها على الإنسان، والفراغ - وهو ما زاد من الوقت عن الحاجةِ لمتطلبات العيش والنوم - لا يبقى فراغًا أبدًا، فالإنسان يملؤه إمَّا بالخيرِ وإمَّا بالشر، والفراغ ليس شرًّا كاملاً ولا هو خير كامل، إنما هو سلاح ذو حدين: إذا ساءت فيه نيةُ المرء وانحرف سلوكُه وفسدت أعماله كان شرًّا عليه، وإذا كان المرء سليم دواعي الصدر صالحًا خلوقًا استغلَّ فراغَه في الخيرِ له ولغيره، ويرى بعضُ العلماء أنَّ الحضارةَ والمكتشفات والمخترعات ما كان يمكنُ الوصول إليها لولا توفر الفراغ.
وأعمالُ الخير والنفع التي يمكن أن يملأ بها الإنسانُ فراغه كثيرةٌ لا تحصى؛ من أدعيةٍ وأذكار إلى صلاة نافلة إلى زيارات للأهل والأصدقاء إلى المطالعة الحرة ودراسة الكتب النافعة، ولا مانع من أن يستمتعَ الإنسانُ بشكلٍ من أشكالِ اللهو المباح الذي لا ينسيه واجباتِه الدينية ولا واجباته المعيشية، فيقوم ببعضِ الألعاب الرياضية، أو يمزح فيما لا كذبَ فيه ولا فحش ولا أذًى يجرح مشاعرَ الناس، فقد شاهدَ الرسولُ - عليه السلام - الأحباشَ وأراها عائشة - رضي الله تعالى عنها - كما سابقها وسبقته ثم سبقها، ومزح مع المرأةِ العجوز ومع امرأةٍ أخرى طلبت منه أن يحملَها على بعيرٍ فقال لها: أحملكم على ولد النَّاقة.
فلنوفر لأنفسِنا فراغًا بتنظيمِ أوقاتنا، ولنحرص على شغل هذا الفراغ بما ينفعُ ويمتع، ولنحسن استغلالَه بالقول الطيب وفعل الخير بالترويحِ عن القلوب ساعة، فإنها إذا عملت كلَّت.

الأحد، 19 فبراير 2012

نساء تحدث عنهن القرآن5

نساء تحدث عنهن القرآن (5)

صدقي البيك

15\2\2012
نساء تحدث عنهن القرآن (5)
نساء حول الرسول

تحدثنا من قبل عن النسوةِ الصالحات اللاتي تحدث عنهنَّ القرآنُ الكريم[1]، من مجتمعاتِ الأنبياء السابقين لعصر خاتم النبيين، وكما تحدث القرآنُ عن أولئك النسوة الصالحات في تلك المجتمعات، تحدَّثَ أيضًا عن عدة نساءٍ من عصرِ نبوة محمد - عليه السلام - ليكنَّ قدوةً للمسلماتِ في القرون التالية:
1- زينب بنت جحش: أول هؤلاء النسوة: زينب بنت جحش، وأمها أميمةُ بنت عبدِالمطلب، عمة الرسول - عليه السلام - وهي امرأةٌ ذات حسب وجمال، زوَّجها الرَّسولُ - عليه السلام - من مولاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - وكان قد تبناه قبل البعثة، وصار يُقال له: زيدُ بن محمد؛ عندما آثر البقاءَ عنده على الذَّهابِ مع أبيه وعمِّه، وبعد أن أنزل الله تعالى في حقِّ زيد وأمثالِه: ﴿ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ﴾ [الأحزاب : 4 ، 5]، ولكن زينب عاشت سنةً مع زيد على مضض، وتعكَّرتْ بينهما العلاقةُ الزوجية إلى حدٍّ لم يبق زيد يطيقُه، ولعلَّ كون زيد مولى لمحمد لا ولدًا له، أشعر زينبَ بأنه دونها حسبًا ونسبًا، فتعَالَت عليه مما نغَّصَ حياتهما، فعرض زيد على الرَّسولِ - عليه السلام - أن يطلقَها، ولكن الرسولَ - عليه السلام - كان يشدِّدُ على زيد في أن يمسكَ زوجته، وأن يبقي عشَّ الزوجية عامرًا؛ ﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ﴾ [الأحزاب : 37]، فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتوقَّعُ هزةً اجتماعية في مجتمع المدينة، بعد أن هدأت هزةُ إلغاء التبنِّي.
وكان الرسول - عليه السلام - يعلمُ بما أعلمه الله، أنَّ تغييرًا نفسيًّا سيحدث في المجتمعِ الإسلامي الذي كان في جاهليته قد اعتاد على مفهومِ التبني، وليكتمل إلغاء هذا المفهوم عمليًّا، قدَّرَ الله على محمد - عليه السلام - أن يتزوجَ بمطلقةِ مَن كان يُعدُّ سابقًا ولده (بالتبني)، وهذا الحدث يشكِّلُ صدمةً عملية للمفهوم الذي كان سائدًا في السابق، ومن هنا حرص الرسولُ - عليه السلام - على أن تبقى زينب عند زيد؛ ﴿ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾ [الأحزاب : 37].
فمحمَّدٌ - عليه السلام - كان يشفقُ على المسلمين من هذه الصدمةِ النفسية، لما اصطلحوا عليه واعتادوه، ولكنَّ الله قدَّر، ولا رادَّ لذلك، أن يضعَ حدًّا لهذا المفهومِ الخاطئ؛ من نسبةِ الولد المُتبنَّى إلى غيرِ أبيه، ومعاملته معاملةَ الولدِ من الصلب، وراثة وحرمة، وذلك بأن يتزوجَ محمد من مطلقة زيد! ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا * مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ [الأحزاب : 37 ، 38]، وهكذا أصبحت زينب إحدى زوجاتِ الرسول - عليه السلام - وإحدى أمهات المؤمنين، وزادت شرفًا إذ نزل فيها قرآنٌ يتلى، وكانت عنصرًا أساسيًّا في إلغاءِ متعلقات التبني ولواحقه.
2- عائشة بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -: وأمَّا المرأة الثانية التي نزل فيها قرآنٌ فهي عائشة بنت أبي بكر - رضي الله عنها وعن أبيها، نزل فيها قرآنٌ يبرئها من تهمةٍ لاكتها ألسنةُ السوء، التي تحدثت بحديثِ الإفك، فكانت عائشة بذلك طاهرةً مطهرة مبرأة، ونتلو براءتها في عشرِ آيات من سورة النور، على مرِّ الزمان، فقد كانت - رضي الله عنهما - مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في غزوة بني المصطلق، وألجأتها حاجتُها إلى الابتعادِ عن الرَّكبِ ليلاً لقضائها، وعندما عادت افتقدت عِقدًا رجعت تبحث عنه، وطال بحثُها فارتحل الركبُ قبل أن تعود، وعندما رجعت وجدت المكانَ خاليًا من الجيش، فقعدت تنتظرُ عودةَ من يبحث عنها عندما يفتقدونها، وأقبل عليها صفوانُ بن المعطل المكلف بتعقبِ الجيش وجمع ما يتساقَطُ منه، وعرفها فاسترجع وأناخ راحلةً فركبتها، وسارت حتى أدركا الجيشَ ظهرًا، وهنا بدأت ألسنةُ السوء تتحدَّثُ بالسوء على عائشة، وكان من الذين جاهروا بذلك حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثه، وحمنة بنت جحش - أخت زينب بنت جحش زوجة الرسول - وتولَّى كبرَ هذا الإفك عبدالله بن أبي بن سلول، وعائشة لا تدري بما تتداولُه الألسنة عنها، واستلبث الوحي شهرًا حتى علمتْ بالأمر واشتدت عليها وعلى الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - القضية، ثم نزلت آياتُ سورة النور تبرئها: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور : 11]، ثم أعطت الآياتُ التالية درسًا للمسلمين وتأديبًا لهم: ﴿ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴾ [النور : 12]، فهكذا ينبغي أن يكونَ تصرفُ المسلمين أنْ يحسنوا الظنَّ بأنفسهم وبأمِّ المؤمنين، ويتورَّعوا عن الاتهامِ أو الحديث به، وقد تمثلت هذه التربية في الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - عندما قالت له زوجته: "أمَا تسمع ما يقولُ الناسُ في عائشة؟ فقال: نعم، وذلك الكذب، أكنت فاعلة ذلك يا أمَّ أيوب؟ قالت: لا والله ما كنتُ فاعلة، فقال لها: وعائشة والله خيرٌ منك!"، هكذا يكون حسنُ الظن بأمهاتِ المؤمنين، وهكذا يظن المؤمنون بأنفسِهم خيرًا.
وقد قرع الله بعضَ المسلمين على ما قالوه؛ ﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15]، وأي شيء أعظم من أن تتهمَ زوجةُ الرسول - عليه السلام - في عرضِها وكرامتها! وأي شيء أعظم من أن يُهان الرسولُ - عليه السلام - في اتهامِ أهله وأحب أهله إليه!
وهكذا بُرِّئت عائشةُ - رضي الله عنها - وباء بالخزي والقذف والحد أولئك الذين جاهروا بالاتهام، وتوعَّد الله من تولَّى كبر هذه الفرية من وراء ستار بالعذاب الأليم.
عائشة وحفصة:
3- وكان لعائشة ومعها حفصة - رضي الله عنهما - موقفٌ آخر تناوله القرآنُ الكريم، وتنزلت فيه آياتٌ من سورةِ التحريم؛ وذلك أنَّ عائشة وحفصة - رضي الله عنهما - تواطأتا على أن تقولَ أيُّ واحدة منهما يدخلُ عليها النبيُّ - عليه السلام - بعد مجيئه من عند زينب: "إني أجدُ منك ريحَ المغافير - نبت له رائحة مميزة"، ودخل النبي على حفصةَ، فقالت له ذلك، فقال: ((لا، ولكنِّي كنتُ أشرب عسلاً عند زينب، فلن أعودَ له، وقد حلفتُ لا تخبري بذلك أحدًا))، ولكنَّ حفصة أخبرت عائشةَ، وكان هذا التواطؤ أو التظاهر منهما على النبي - عليه السلام - سببًا في نزولِ قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التحريم : 1]، ثم قوله - تعالى -: ﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [التحريم : 3]، ويوجه الله - تعالى - إليهما (حفصة وعائشة) تهديدًا شديدًا: ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ﴾ [التحريم : 4]، ووصل هذا التهديد إلى الطَّلاقِ: ﴿ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ﴾ [التحريم : 5]، وبذلك كان هذا الحدثُ درسًا لنساء النبي - عليه السلام - ولنساءِ كلِّ مسلم، أن يحافظنَ على أسرار البيت والزوج، وأن يرعين حقَّه، وأن يبتعدن عن التواطؤ على غيرهن والكيد لهن، وعن التظاهرِ على الأزواج.
هذا مع العلم أنَّ هناك روايتين أخريين تذكرهما كتبُ التفسير في سبب نزول هده الآيات غير السبب السابق، ولكن حفصة وعائشة شريكتان في كل الروايات.
4- ومن اللواتي نزل فيهنَّ قرآنٌ من غيرِ زوجات النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - خولة بنت ثعلبة زوجة أوس بن الصامت، الذي كان شيخًا كبيرًا وقد ساء خلقُه، ودخل على زوجته يومًا فراجعته بشيءٍ فغضب عليها، وظاهر منها - قال لها: أنت علي كظهر أمي - يريدُ بذلك أن يحرمَها على نفسِه، على عادةٍ كانت سائدةً في الجاهلية، ومع ذلك رجع إليها بعد قليلٍ وأرادها عن نفسِها، فامتنعت منه حتى يحكمَ الله ورسوله فيهما، فواثبها وغلبتْه بما تغلب المرأةُ الشيخَ الضعيف، وأبعدته عن نفسِها، ثم خرجت إلى بيتِ النبي، وذكرت له ما لقيت من زوجِها: "يا رسول الله، أكلَ مالي، وأفنى شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني وانقطعَ ولدي ظاهر منِّي، اللهمَّ إني أشكو إليك"، فجعل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول لها: ((يا خولة، ابنُ عمِّك شيخ كبير فاتقي الله فيه، ما أعلمك إلا قد حرمتِ عليه))، فقالت: أشكو إلى الله ما نزل بي وأشكو أبا صبيتي، فرأت عائشةُ وجهَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد تغير، إيذانًا بنزول الوحي عليه، فنحتها عنه، ومكث رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في غشيانه، فلمَّا انقطع عنه الوحي قال: ((يا عائشة، أين المرأة؟ فدعتها، فقال لها رسولُ الله - عليه السلام -: ((يا خولة، قد أنزل الله فيكِ وفي صاحبك، ثم قرأ عليها: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة : 1 - 4]))، وقال لها الرسولُ - عليه السلام -: ((مُريه فليعتق رقبة))، فقالت: ما عنده ما يعتق، قال: ((فليصمْ شهرين متتابعين))، قالت: والله إنه شيخٌ كبير ما به من صيام، قال: ((فليطعم ستين مسكينًا وسقًا - ستين صاعًا - من تمر))، قالت: يا رسول اللهِ، ما ذاك عنده، فأعانه الرسولُ بثلاثين صاعًا، وأعانته زوجته بثلاثين.
وهكذا كان تصرف هذه المرأة المسلمة وحوارها مع رسول الله - عليه السلام - سببًا لنزولِ هذه الآيات وتشريع الظِّهار، وتأديب الرِّجال الذين يطلِقُون ألسنتَهم بهذه الأقوال الجاهلية من غير تدبر لعواقبها.
وقد لقيتْ خولةُ هذه مرةً عمرَ بن الخطاب في خلافته فاستوقفته، فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها رأسَه، حتى أنهت حديثَها وانصرفتْ، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، حبست رجالات قريش على هذه العجوز؟! فقال له عمر: "ويحك! أتدري من هذه؟"، قال: لا، فقال له: "هذه امرأةٌ سمع الله شكواها من فوق سبع سموات، هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرفْ عني إلى الليلِ ما انصرفتُ حتى تقضي حاجتَها".
وهكذا كانت هذه المظاهرة من أوس لزوجتِه خولة فرصةً لها ليذكر قصتَها القرآن، وتردد ألسنةُ المسلمين شكواها كلَّما قرؤوا القرآن.
وهكذا يستذكرُ المسلمون مواقفَ هؤلاء النسوة؛ الصالحات منهنَّ والطالحات، اللواتي تحدثَ عنهنَّ القرآن، كلما قرؤوا كتاب الله ومرت معهم الآيات التي تناولت قضاياهنَّ، فرضي الله عن الصالحاتِ منهنَّ، وجعلهنَّ الله قدوةً للمؤمنات، وأنزل الله على الطالحات منهنَّ ما يستحققن من العذابِ ليكنَّ عبرة للطالحات من النساء.




الأربعاء، 1 فبراير 2012

نساء تحدث عنهن القرآن 4

ممهدات لعيسى - عليه السلام

وإذا كان حول موسى - عليه السلام - عددٌ من النسوةِ اللاتي حضنه ورعينه وســِرْن معه، فإنَّ عيسى - عليه السلام - وهو آخر أنبياء بني إسرائيل قد سبقَهُ عددٌ من النِّسوةِ المؤمنات تحدَّث عنهنَّ القرآن، وكل شأنهنَّ الذي أبرزه الله - تعالى - يتمثلُ في التمهيدِ لمعجزة عيسى - عليه السَّلام - تلك المعجزة المرتبطة بولادتِه، وكانت السماتُ البارزة في حياتهنَّ تدورُ حول الولادة!

7- وأولهنَّ جدته لأمِّه امرأة عمران، واسمها: (حنة)، وكانت لا تحملُ، واشتهت أن يكونَ لها ولدٌ، فدعت الله وحملتْ متأخرة، فنذرتْ ما في بطنِها لله، خالصًا لخدمة بيت المقدس، وكانت تتوقعُ أن يكونَ المولودُ ذكرًا، ولذلك نذرته، إلا أنَّها عندما وضعتْ وضعتْ أنثى، وسمتْها: (مريم)، ولكنَّها كانت قد نذرت ما في بطنِها ولم تحدِّد غير ذلك، فلزمها أن تقدِّمَ مولودتَها للمعبد، وهي تعلمُ أنَّ الذَّكرَ أجل وأقدر على خدمةِ المعبد من المرأة، ولكن لا مناصَ من تقديمها للمعبد، ومن قبل أن يقوى عودُها ويشتدَّ ساعدُها، كانت بحاجةٍ إلى من يكفلُها من الصَّالحين المشرفين على إدارةِ شؤون المعبد، ودعت لها وأعاذتها باللهِ من الشيطانِ الرَّجيم، كما أعاذت باللهِ ذريتَها، وكأنها تستشفُّ المستقبل، واستجاب الله لها، فتقبَّلَ مولودتَها وأنبتها نباتًا حسنًا، وجعل كفالتَها لزوجِ خالتها زكريا - عليه السلام - بعد أن اقترعَ مع بقيةِ المشتركين في حجابة البيت؛ لأنَّ كلَّ واحد منهم حرص على كفالتِها وألقوا أقلامَهم في النهر، وصاحب القلم السابق يكون كفيلها، وكان ذلك من نصيبِ زكريا - عليه السَّلام - وعاشت في المحرابِ - غرفة في جدارِ المعبد تُتخذ للعبادة - وعندما شبَّتْ كان زكريا كلما دخَلَ عليها في هذا المحرابِ وجد عندها رزقًا - طعامًا من الفاكهةِ في غير أوانه – فيسألها: من أين لك هذا الطعام؟ فتجيبه: هو من عند الله، كرامة من عندِ الله لهذه الفتاة التي خاطبتها الملائكةُ مبشرةً لها باصطفاءِ الله لها وتطهيرها واصطفائها على نساءِ العالمين.

هذه المرأة الطاهرة المصطفاة هي مريم أمُّ عيسى - عليه السلام - ذرية بعضُها من بعض، ويكفيها فخرًا أنها المرأةُ الوحيدة التي ذكر اسمها صريحًا في القرآن الكريم، ولعلَّ في هذا اصطفاء لها أيضًا.

8- وكان لولادةِ (حنة) امرأة عمران لابنتِها مريم، مع تأخُّرِها في الحمل، ولِمَا رآه زكريا عليه السلام من إكرامِ الله تعالى لمريم في المحراب - أثرٌ على قلبِه المفعم بالإيمان والثقة بالله، وعدم اليأس، فالله قادرٌ على أن يرزقَه الولدَ على رغم يقينِه بأنَّ امرأته - أخت امرأة عمران - عاقر، وعلى رغمِ تقدمِه في السن، فقد وهن عظمُه واشتعل الشيبُ في رأسِه، ولذلك توجَّهَ إلى الله بالدُّعاءِ أن يرزقَه الله ذريةً طيبة، ولدًا تقرُّ به عينه ويرث علمَه وعلم آل يعقوب، وسأل الله أن يكونَ هذا الولدُ رضيًّا، وهكذا استجاب الله لدعاءِ هذا النبي فحملت زوجُه العاقر، وكانت البشرى من الله لزكريا بغلامٍِ وسماه الله تعالى: (يحيى)، وجعله سيدًا وحصورًا ونبيًّا، هذا عطاءُ الله، وهكذا كانت كرامةُ هذه المرأة مرتبطةً بالولادةِ في سنٍّ غير مألوف فيها إنجاب المرأة.

9- والمرأة الثالثة هي مريم ابنة عمران، تلك التي كانت ولادة أمِّها لها كرامة، وحياتها في المحرابِ كرامة، وولادتها لابنها عيسى معجزة في حقِّ عيسى - عليه السلام.

فتاةٌ غير متزوجة تقيَّة نقية، تخرجُ من المعبد الذي نُذرت لخدمتِه متجهة إلى الشرقِ منه، وتحتجب عن أهلِها، فيتمثل لها الملكُ بشرًا سويًّا، فترتعب منه وتستعيذ بالله منه، فإذا هو يعلمُها أنه رسولُ الله إليها ليهب لها غلامًا زكيًّا، وكيف يكون لها غلامٌ وهي لم تتزوج ولم يمسها بشر؟! ولكنها قدرةُ الله وإرادته، فما أهون هذا الأمر! وكان حملها أمرًا مقضيًّا في الحال، وتمتد بها أيامُ الحمل حتى ثقل عليها، فخرجت إلى مكانٍ قصي عن المعبد، وحانت ساعةُ المخاض فألجأها إلى جذعِ النخلة تتكئ عليه، ويعتصر قلبُها أمران: آلام المخاض، والتفكير في موقفها أمام قومِها بعد ولادتِها، فتمنت أن تكونَ قد ماتت قبل هذه الحالة ونسيها الناس، وجاءها المددُ والغوث من عالم الغيب وواقع المعجزات، فتسمع كلامًا من هذا الوليدِ أو من الملك يربطُ على قلبِها ويهدئ روعها: لا تحزني، فتحتك نهر يزيلُ عنكِ أوضارَ الولادة، وفوقك طعامُ رُطَبٍ جني يتساقطُ عليك إذا هززتِ جذعَ النخلة! ويعلمها كيف تواجه قومَها في هذا الموقفِ العصيب، بلا كلام، إشارة باليدِ إلى المولود وكفى، وهو يتولَّى الدفاعَ عنها، مولود في أيامه الأولى يدافعُ عن أمِّه بلسانه! بكلامه! معجزة تلي معجزة، معجزة ولادته من غيرِ أب، ومعجزة كلامِه في المهد! ﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴾ [مريم : 30]، كلامٌ حازم يسمعونه بآذانهم يبرئ أمَّه، ويعلمهم بعبوديتِه لله، وجعله نبيًّا يتنزل عليه كتابُ الله، هل اقتنعَ بنو إسرائيل بكلِّ هذه الدلائل، وهذه المعجزات؟

إنَّ القلوبَ القاسية تستعصي على الإيمانِ والتصديق، فاتهموا مريمَ التي رافقت ولدَها في أيامِ حياته العادية متنقلةً به من مكانٍ إلى مكان خوفًا من الحكامِ الظلمة، وخوفًا من الكهنةِ الذين يأكلون الدنيا بالدين، وينكرون معجزاتِ ربِّ العالمين، ولا يصدقون بزكريا ويحيى وعيسى، وهكذا أحاطت بحياةِ عيسى - عليه السلام - هذه الكوكبةُ من النِّساءِ اللاتي كانت كراماتُهنَّ مرتبطةً بطبيعة معجزة عيسى الكبرى؛ الولادة غير المعتادة، ولادة بعد عقم، ولادة بعد كبر، وولادة من غير أب! فسبحان الله الذي يؤيد رسله بالمعجزات!

الأربعاء، 4 يناير 2012

women about whom the quraan spoke 4

Women about whom the Qur'an spoke (4)
Sidqy Al Bayk

Published On: 2/1/2012 A.D. - 7/2/1433 H. Visited: 53 times

Women about whom the Qur'an spoke (4)
Significant precursors to Jesus (Peace be upon him)
If Moses (peace be upon him) was surrounded by some women who fostered and cared for him, Jesus (Peace be upon him), who was the last prophet sent to the Children of Israel, was preceded by a number of believing women about whom the Qur'an spoke.
Allah (may He be Exalted) highlighted their role which they played as a preface to the miraculous birth of Jesus (Peace be upon him), and the eminent features of their lives were focused on his birth.
7- The first was his maternal grandmother, the wife of `Imran, whose name was: Hinnah.
She was barren and desired to have a child, so she invoked Allah and became pregnant in old age.
Therefore, she vowed that the child which was in her belly shall be dedicated for the service of Jerusalem.
She anticipated that the newborn baby would be a boy, therefore she had taken a vow to put his in the service of Allah, but she delivered a girl and called her Maryam (Mary).
She had vowed to dedicate her baby without differentiating between a boy or a girl, so she had to dedicate her baby for the service of the church.
She knew that a male is more efficient to serve the church than a female, but there was no escape but to dedicate her to the church even before she grows up.
She needed someone to undertake her child from the righteous people who were responsible to administer the church affairs.
She invoked Allah for her and protected her against the cursed Satan and sought Allah's Protection for her offspring as if she was reading the future.
Allah responded to her, accepted her baby, grew her up properly, and assigned her sponsorship to the husband of her maternal aunt Zechariah (Peace be upon him) after he had balloted with the rest of the sponsors because everyone of them was keen to sponsor her, so they threw their pens into the river and the owner of the pen which preceded other pens undertook her, and that was Zechariah (Peace be upon him).
She lived in a chamber in the church that was made for worship and when she grew up, Zechariah used to visit her and whenever he entered her chamber, he found untimely fruits.
Then he asked her: Where did you get this food from? She answered: It was from Allah.
It was an honor to that girl whom the angels addressed and gave her glad tiding that Allah had chosen her to be purified and to be the best of women worldwide.
That purified and chosen woman was Mary, the mother of Jesus (Peace be upon him), righteous offspring from righteous parents.
It is enough honor for her that she was the only woman that her name was mentioned in the Glorious Qur'an and perhaps that is an honor to her also.
8- Hinnah's giving birth to her baby Mary along with the delay of her pregnancy and the honor of Allah to Mary by sending her untimely fruits affected Zechariah's heart which was full of faith and trust in Allah, and not showing despair because Allah is Able to grant him children although his wife, the sister of the wife of `Imran, was barren and despite his old age.
Therefore, he invoked Allah to grant him good offspring so as to be a rejoice for his eyes, his heir of knowledge and the knowledge of the family of Jacob.
He invoked Allah that the boy be righteous and thus Allah answered his invocation and his barren wife became pregnant.
Allah grant Zechariah a male child whom Allah called (John the Baptist) and made him a master and a Prophet.
That was the gift of Allah and thus the honor of that woman was connected by giving birth to a child in unfamiliar age.
9- The third woman was Mary, the daughter of `Imran, whose birth was an honor from Allah, her life in the church was an honor, and giving birth to her son Jesus was a miracle.
An unmarried and a pure girl came out from the church in which she dedicated herself to serve Allah and headed eastward to conceal herself from her family.
There she saw an angel in the image of a man, so she feared and sought refuge in Allah against him.
Then he told her that he was a messenger from Allah to her to give her a child; how could she have a child without marriage and she was not touched by any male?
It was the power and the will of Allah, therefore it was so easy.
Her pregnancy was a decisive matter and happened at once. She became pregnant until it was heavy, so she went to a far place and when it was the time to deliver her baby, she leaned to a palm tree while her heart was feeling pain for two matters: The pain of delivery and the pain of thinking about her situation when she meets her people after birth.
So, she wished to die and people would forget about her before reaching that would happen.
Then, aid and help came from the Knower of the unseen by causing the child to speak in his early birth hours or the angel conveyed to her some words to ease her heart and calm her down: Do not feel sad because underneath you there is a river to remove you birth pains, and there are fresh dates falling upon you if you shake the palm tree!
He taught her how to face her people in that terrible situation without speech, but by a little indication to the child and it will defend her.
A newborn child defended his mother with his tongue! By speech! A miracle after a miracle: Giving birth to a child without a father and the miracle of his speech in young age! "He ['Isâ (Jesus)] said: Verily, I am a slave of Allâh, He has given me the Scripture and made me a Prophet." [Surat Maryam: 30].
His firm and clear speech, which they hear by their ears, acquitted the chaste and pure mother, moreover, the child told them about their servitude to god. Allah made him a Prophet and sent down to him a book.
Were the children of Israel convinced by those proofs and those miracles?!
However, cruel hearts do not believe, so they accused Mary who accompanied her son during his life, moving from a place to another for fear of tyrant rulers and soothsayers who deceived people, denied miracles, and did not believe in Zechariah, John the Baptist, and Jesus.
Thus, Jesus (peace be upon him) was surrounded by those group of righteous women whose role was connected by the miraculous birth of Jesus, glory be to Allah who supports His Messenger with miracles!

________________________________________

women about whom the quraan spoke 3

Women about whom the Qur'an spoke (3)
Sidqy Al Bayk

Published On: 26/12/2011 A.D. - 30/1/1433 H. Visited: 148 times

From the nurses of Moses to Bilqis (the Queen of Sheba)
There are a group of righteous women whom the Glorious Qur'an spoke about their roles in protecting and caring for one of the most forbearing Messengers; he was Moses (Peace be upon him).

Five chaste women took part in his life and about whom the Glorious Qur'an spoke:
4- The first was his mother: That woman who was afflicted along with her people by the sedition of killing the male children of Israel. The Pharaoh saw a vision that a man from the Children of Israel killing the Pharaoh and destroying his kingdom.

Another version: The people of the Pharaoh heard from the Children of Israel some inherited prophecies that a man of them shall be a ruler and shall establish a state, so the Pharaoh commanded that all male babies should be slaughtered. When the mother of Moses begot him, she feared and expected that he will be butchered, thereupon Allah inspired her to suckle her boy then put it in a box and throw it in the River Nile.

It was a critical situation for a mother who feared slaughtering for her child, should she throw it with her own hand into the river?! Does not she fear for it to be drowned or crocodiles and fishes may eat it?

However, her strong faith in Allah moved her to put her trust in Allah, hence the glad tiding came to her with two matters: Allah (may He be Exalted) shall send it back to her and shall make it one of the Messengers.

The box flowed on water, and waves and currents drove it to the canal which delivers to the palace of the Pharaoh. The Pharaoh found it and the heart of his wife was attached with it, and it seemed that she had no children, therefore it was a condolence for her, moreover Allah cast the love of that boy into the heart of everyone who saw him, therefore she stood to save it of death. "Kill him not, perhaps he may be of benefit to us, or we may adopt him as a son." [Surat Al Qasas: 9].

She rejoiced that Allah (Glory be to Him) saved it of slaughtering, and the palace of the Pharaoh was opened for it to live therein forever. The worry of Moses' mother over her baby was terrible, therefore sometimes she wished to declare in public that she has a child, but Allah reinforced her to be firm and commanded her daughter (Moses' sister) to follow his tracks.

His sister saw that he refused to suckle from any other woman, then she entered and guided the wife of the Pharaoh to a nurse to suckle it and took them to her mother and when Moses saw her, it suckled from her. Since then, she became its nurse for a fee from the wife of the Pharaoh, and the promise of Allah became true at the end of the day. It lived with its mother who bore it, under the care of the Pharaoh's wife who saved it, and with the effort of its sister who worked hard to bring it back to its mother.

At that limit the role of those three women ends because they delivered Moses to security, and the Glorious Qur'an spoke once again about the wife of the Pharaoh and made her a role model for those who believed: "And Allâh has set forth an example for those who believe: the wife of Fir'aun (Pharaoh), when she said: "My Lord! Build for me a home with You in Paradise, and save me from Fir'aun (Pharaoh) and his work, and save me from the people who are Zâlimûn (polytheists, wrong-doers and disbelievers in Allâh)." [Surat At-Tahrim: 11].

That believing woman (the Pharaoh's wife) observed patience on the disbelief, oppression, and the allegation of Al Uluhiyyah (Allah's Exclusive Right to be worshipped) of the Pharaoh. She found in Moses the joy of her eye and expected that it shall be a joy of the eye for the Pharaoh, however the Pharaoh refused and said to her: "He is a joy for your eyes, but it means nothing to me."
That was true because Moses was a joy for the wife of the Pharaoh by believing in him and believed his call when he grew up.

5- There are two other women who played a great role in the life of Moses (Peace be upon him). When Moses got out afraid from Egypt, waiting for his matter about killing an Egyptian man to be exposed, he reached the water of Madyan (Midian) and there he found two women warding off their sheep from water. They were waiting to water their sheep, so Moses helped them to water their sheep before sheepherders come. Then, they departed to their father early and told him that a strong strange man helped them to water their sheep. The father admired the power of the strange man and asked their daughters to fetch the man to reward him for what he did. One of them went to him shyly and asked him to walk with her to her father. The girl wished that her father would hire that powerful guy to foster the animals and ease the girls, then he concluded an agreement with him to marry one of the two girls on one condition which was to serve the father for eight or ten years.
That wife was with him when he left the city back to his homeland and while he was walking, he went to search for fire and there he received revelation and was given the miracles of the stick and the hand. His wife and her sister played a role in one of Moses' stage of life.

6- Of the women about whom the Glorious Qur'an spoke was Bilqis.
When the dominion of Prophet Solomon was settled and reached a great extent: "Such as shall not belong to any other after me," there was a woman about whom the Qur'an spoke lengthy. She was the queen of Sheba. That queen who was given everything and had a great throne in Yemen but she and her people were worshipping the Sun. When Solomon knew these facts, he sent her a message calling her and her people to subjugate to his state: "Be you not exalted against me, but come to me as Muslims (true believers who submit to Allâh with full submission)." [Surat An-Naml: 31].

He called them to Islam to give up the sun-worship: "but come to me as Muslims (true believers who submit to Allâh with full submission)." He did not want to expand his kingdom, but he had another higher objective which was the spread of Allah's Religion.

That woman who was an idolater was a skillful politician who knew how to deal with authority men. So, she sent a valuable gift and monies to Solomon to test him: whether he was a man of authority or a man of doctrine and creed?
However, he refused that bribe and said: "Will you help me in wealth?" [Surat An-Naml: 36]. "Nay, you rejoice in your gift! * [Then Sulaimân (Solomon) said to the chief of her messengers who brought the present]: Go back to them. We verily shall come to them with hosts that they cannot resist, and we shall drive them out from there in disgrace, and they will be abased." [Surat An-Naml: 36 - 37].

That was a terrible threat forced her to go to him and there she saw her own throne which he brought before she came and added to it some modification to test her intelligence, but she neither recognized it nor admitted it but said: "(It is) as though it were the very same." [Surat An-Naml: 42].

Then he wanted to destroy the idolatry thinking in a scientific way; so he made her enter a hall which its floor was made of polished glass underneath water was running. She thought that it was a running water and in order to pass, she had to pull her garment up so as water would not wet her clothes. At that moment, she realized that there are things which the eyes cannot see (like the polished glass), so she saw the water and could not see the glass. If she was worshipping the Sun because she could see it, there is Allah who created the Sun, and visions cannot grasp Him. Because of her brilliance, she understood the idea and declared her mistake, thereupon she said the words of truth and admitted that she wronged herself because she was worshipping the sun and not worshipping Allah. "She said: "My Lord! Verily, I have wronged myself, and I submit in Islâm, together with Sulaimân (Solomon) to Allâh, the Lord of the `Alamîn (mankind, jinn and all that exists)."" [Surat An-Naml: 44].

Hence, she moved from sun-worship to the religion of monotheism after Solomon had used with her a practical process: Used the technologies which Allah (Glory be to Him) granted.

Thus, Bilqis became a believing righteous woman and joined the group of women about whom the Qur'an spoke.
________________________________________

الاثنين، 2 يناير 2012

women about whom the quran spoke

Women about whom the Qur'an spoke(1)
Sidqy Al Bayk

Published On: 20/11/2011 A.D. - 23/12/1432 H. Visited: 180 times


Allah (may He be Exalted) created Adam from clay then created all mankind from Adam and Eve (male and female).

Women are fundamental elements in the human existence and play a bigger role than men. Women carry children in their bellies, bear the pains of pregnancy and the pain of giving birth. Their effective role continues to serve food and care for children until they grow up, become powerful, and be self-sufficient.
In the Glorious Qur'an, women played a great role in directing and receiving the rulings, as they were mentioned in every field where work and reward were mentioned (for men and women) Allah (may He be Exalted) say: "Whoever works righteousness (whether male or female) while he (or she) is a true believer (of Islâmic Monotheism) verily, to him We will give a good life (in this world with respect, contentment and lawful provision), and We shall pay them certainly a reward in proportion to the best of what they used to do (i.e. Paradise in the Hereafter)." [Surat An-Nahl: 97].
Allah also says: "Verily, the Muslims (those who submit to Allâh in Islâm) men and women, the believers men and women (who believe in Islâmic Monotheism), the men and the women who are obedient (to Allâh), the men and women who are truthful (in their speech and deeds), the men and the women who are patient (in performing all the duties which Allâh has ordered and in abstaining from all that Allâh has forbidden), the men and the women who are humble (before their Lord - Allâh), the men and the women who give Sadaqât (i.e. Zakât, and alms), the men and the women who observe Saum (fast) (the obligatory fasting during the month of Ramadân, and the optional Nawâfil fasting), the men and the women who guard their chastity (from illegal sexual acts) and the men and the women who remember Allâh much with their hearts and tongues - Allâh has prepared for them forgiveness and a great reward (i.e. Paradise)." [Surat Al Ahzab: 35].
They take the same reward of men when doing righteous deeds, as they have the same punishment in this world and in the Hereafter.

Women are the sisters of men as the Messenger of Allah (peace be upon him) said.

Moreover, they are addressed by every command or forbiddance that is directed to Muslims. If they have that general presence in the general speech, some of them have been mentioned especially in some Ayahs of the Glorious Qur'an.
The Glorious Qur'an spoke about some righteous or unrighteous women and the number of women about whom the Glorious Qur'an spoke is 17: Three of them were unbelievers and fourteen of them were good believing women. As for the unbelieving women, they are:
1- The wife of Nuh (Noah):
There are indirect indications about her in the saying of Allah (may He be Exalted): "So We revealed to him (saying): "Construct the ship under Our Eyes and under Our Revelation (guidance). Then, when Our Command comes, and water gushes forth from the oven, take on board of each kind two (male and female), and your family, except those thereof against whom the Word has already gone forth. And address Me not in favour of those who have done wrong. Verily, they are to be drowned." [Surat Al Mu'minun: 27].

In Allah's saying: "Except those thereof against whom the Word has already gone forth." [Surat Al Mu'minun: 27], there is a general reference to those who did not believe in the call of Noah from his own family: His wife and his son as understood from another Ayah: "Allâh sets forth an example for those who disbelieve: the wife of Nûh (Noah) and the wife of Lût (Lot). They were under two of our righteous slaves, but they both betrayed them (their husbands by rejecting their doctrine). So they [Nûh (Noah) and Lût (Lot) peace be upon them] availed them (their respective wives) not against Allâh and it was said: "Enter the Fire along with those who enter!"" [Surat At-Tahrim: 10].
So, the wife of Noah was an example for those who disbelieved. Although she was the wife of Noah, she did not open her heart to his call and followed the errors of her people and her multiple idols; thereby she betrayed her husband and his call, and deserved two types of punishment:
First, a punishment in worldly life by drowning with the drowned.
And the second is in the Hereafter by admitting her to Hell-Fire.
This situation gives us a great lesson which is: Family relationship with a prophet or pious people does not avail in the Hereafter, therefore the Messenger (peace be upon him) addressed his kins saying:
"Do, for I can avail you nothing before Allah."
So, the relatives of the Prophet (Peace be upon him) and the relatives of the Companions or the relatives of pious people and scholars do not get benefit from their relationship with good people as long as Prophet Noah did not benefit his wife and could not stop her punishment. However, if the woman is a wife of a prophet and she is good, her reward -by the will of Allah- shall be doubled. Likewise, every person has a connection with pious people will not get a benefit unless his actions are good; however if the matter reached the state of disbelief, there will be no intercession.
2- The wife of Lot:
She was another example for those who disbelieved and being a wife of a prophet did not benefit her as long as she disbelieved in his message.

In this previous Ayah, she was judged by disbelief and she was mentioned clearly in eight Ayahs in several Surahs and she was judged in these Ayahs by deserving the torment of Alalh in worldly life and she will have the same torment of her people. "They (messengers) said: "O Lût (Lot)! Verily, we are the messengers from your Lord! They shall not reach you! So travel with your family in a part of the night, and let not any of you look back; but your wife (will remain behind), verily, the punishment which will afflict them, will afflict her." [Surat Hud: 81].
The rest Ayahs did not exclude her from the torment of Allah in worldly life although Allah undertook to rescue Lot and his family. Allah (may He be Exalted) says: "So We saved him and his family, except his wife. We destined her to be of those who remained behind." [Surat An-Naml: 57].
"Except his wife, of whom We have decreed that she shall be of those who remain behind (i.e. she will be destroyed)." [Surat Al Hijr: 60].
"Then We saved him and his family, except his wife; she was of those who remained behind (in the torment)." [Surat Al A`raf: 83]. [Surat Al `Ankabut: 22].
"Except your wife: she will be of those who remain behind (i.e. she will be destroyed along with those who will be destroyed from her folk)." [Surat Al `Ankabut: 33].
"Except an old woman (his wife) among those who remained behind." [Surat Ash-Shu`ara': 171]. [Surat As-Safat: 135].

3- The wife of Abu Lahab:
She was the wife of the Prophet's uncle (`Abdul-`Uzza) who used to harm the Messenger of Allah (peace be upon him) physically by spreading thorns in the way of the Messenger (Peace be upon him) while he was their neighbor and a moral harm when he commanded his sons to divorce the daughters of the Prophet.
That woman was known as Um Jamil the wood carrier as described in the Glorious Qur'an. Allah singled her out along with her husband with a short Surah which is Surat Al Masad: "Perish the two hands of Abû Lahab (an uncle of the Prophet) and perish he! * His wealth and his children will not benefit him! * He will be burnt in a Fire of blazing flames! * And his wife, too, who carries wood (thorns of Sa'dân which she used to put on the way of the Prophet peace be upon him, or used to slander him). * In her neck is a twisted rope of Masad (palm fiber)." [Surat Al Masad: 1- 5].
If the wife of Noah (Peace be upon him) represents those who disbelieved in the beginning of creation, the wife of Lot represents those who disbelieved in the middle of creation, and the wife of Abu Lahab and her husband represent those who disbelieved in Allah and His Messenger and harmed the Messenger (peace be upon him) in the end of creation; and she deserves her share of Hell-Fire in the Hereafter.
Furthermore, the connection of Abu Lahab with the Messenger of Allah (Peace be upon him) will not avail him nor the good actions which he did before people, such as: Freeing the female slave which gave him the news of the birth of Prophet Muhammad (peace be upon him) and his concern to protect the Messenger of Allah (peace be upon him) after the death of his uncle Abu Talib.
As long as those actions took place while he was non-Muslim, they shall be wasted.
Thus, we reviewed the three models of unbelieving women whom Allah mentioned in the Glorious Qur'an, and their final consequence will be punishment in the Hereafter and lessons for the heedless people.
________________________________________

نساء تحدث عنهن القرآن 3

نساء تحدث عنهن القرآن (3)
صدقي البيك

تاريخ الإضافة: 31/12/2011 ميلادي - 5/2/1433 هجري زيارة: 206




نساء تحدث عنهن القرآن (3)
من حاضنات موسى إلى بلقيس
وهناك كوكبةٌ من النِّساءِ الصالحات المتعاصرات تحدث عنهنَّ القرآنُ الكريم وعن أدوارِهنَّ في حماية ورعاية أحد أولي العزم من الرسل؛ إنه موسى - عليه السلام.
فقد شارك في حياتِه خمس نسوة طاهرات عفيفات تحدث عنهنَّ القرآن:
4- أولهن أمه: تلك المرأةُ الممتحنة مع نساء قومها بمحنة ذبحِ الفرعون "رعميس" الثاني للذكورِ من بني إسرائيل، وكان قد رأى رؤيا فُسِّرت له على أنَّ رجلاً من بني إسرائيل ستكونُ على يديه نهاية ملك فرعون، أو أنَّ قوم فرعون قد سمعوا من بني إسرائيل بعضَ النبوءات التي توارثوها عن أنَّ رجلاً منهم ستكونُ لهم به دولة ومنعة، فأمر فرعون بذبحِ المواليد الذكور وإبقاء الإناث على قيدِ الحياة، وعندما ولدت موسى أمُّه خافت عليه وتوقعت أن يأتي الذبَّاحون من جندِ فرعون فيذبحوه، فأوحى الله إليها أن ترضعَ ولدَها ثم تضعه في تابوت (صندوق) وتلقي به في نهر النيل (اليم)! موقف عصيب على أمٍّ تخافُ على ابنها من الذَّبحِ بغير يدها، فتلقي به بيدِها في الماء! ألا تخشى عليه من الغرقِ أو من أن تأكلَه التماسيحُ والأسماك؟! ولكن إيمانها بالله دفعها إلى تفويضِ أمرِها وأمر ابنها إليه، وقد جاءتها البشرى في هذا الوحي بأمرين: أنَّ الله - تعالى - سيردُّه إليها، وأنه سيجعلُه من المرسلين.
وجرى الصندوقُ في الماء يتهادى، وتسوقه الأمواجُ والتيارات إلى القناةِ التي تدخل إلى قصرِ فرعون! ويعثر عليه، ويتعلق قلبُ امرأة فرعون به وينشرح صدرُها له، ويبدو أنها كانت محرومة من الولد، فكان لها سلوى وعزاء بل ألقى الله عليه المحبة منه فما رآه أحد إلا أحبه، ووقفت تدفعُ عنه الموتَ؛ ﴿ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [القصص : 9]، فقد قرَّتْ به عينُها، ونجاه الله - تعالى - بذلك من الذَّبح، وفتح له قصرَ فرعون ليعيشَ فيه.
وكان قلقُ أمِّ موسى على ولدِها يطغى على قلبِها حتى كادت تعلن على ملأ فرعون أنَّ لها ولدًا، ولكن ربط الله على قلبِها فثبتتْ، وكلَّفتْ ابنتَها - أخت موسى - باقتفاءِ أثر أخيها.
وتراه أخته يمتنعُ عن التقامِ أثداء المراضع، فتدخلت ودلَّتهم على من يستطيعُ إرضاعه، وأخذتهم إلى أمِّها فأقبل على ثديها، وأصبحت بذلك مرضعة له وبأجرٍ من امرأةِ فرعون، وتحقَّقَ وعدُ الله لها برده إليها في آخر النهار، الذي قذفته في أولِه في اليم، وعاش في حضنِ أمِّه التي أنجبته، وبرعاية امرأة فرعون التي أنقذته، وبسعي أخته التي عملتْ على ردِّه إلى أمه.
وعند هذا الحد ينتهي دورُ هؤلاء النسوة الثلاث اللاتي عملنَ بمشيئة الله على إيصالِ موسى إلى برِّ الأمان، وقد تحدَّثَ القرآنُ الكريم مرة أخرى عن امرأةِ فرعون، وجعلها مثلاً للذين آمنوا ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم : 11]، هذه المرأةُ المؤمنة صبرت على كفرِ فرعون وظلمه وادعائه الألوهية، ووجدت في موسى الطفل الرضيع قرةَ عينٍ لها، وتوقعت أن يكونَ أيضًا قرة عين لفرعون، ويأبى عليها فرعون ذلك ويقول لها: "هو قرةُ عين لك، فأمَّا لي فلا حاجةَ لي فيه"! وقد كان الأمر كذلك، فقد قرَّت عينُ امرأة فرعون بموسى ودعوته.
5- وهناك امرأتان أخريان لهما دورٌ في حياة موسى - عليه السَّلام - فعندما خرج موسى من مصر خائفًا يترقَّبُ انكشافَ أمرِه في مقتلِ الرجل المصري، وصل إلى ماء مدينَ ووجد امرأتين تذودان غنمَهما عن الماء، تنتظران انتهاء الرعاة من سقي أغنامِهم، فساعدهما موسى على سقايةِ دوابهما قبل أن يأتي الرعاةُ ويستقوا، فانصرفتا إلى والدِهما الشيخ الكبير مبكرتين على غير عادتِهما في التأخرِ بالعودة إلى البيت، وعلم منهما أنَّ رجلاً غريبًا قويًّا استطاع أن يمتاحَ من البئرِ وحده، وأن يسقيَ الدَّوابَّ قبل قدوم الرعاة، وأعجب الشيخُ بقوة الرجل الغريب، وطلب من ابنتَيْه أن تستدعي الرجلَ ليكافئه الشيخُ على ما فعل، فجاءته تمشي على استحياءٍ وطلبت منه المسيرَ معها إلى أبيها، ورغبت هذه الفتاةُ إلى أبيها أن يستأجرَ هذا الشابَّ القوي الأمين لرعي المواشي وإراحةِ البنتين من ذلك، وتم الاتفاقُ بينهما على أن يتزوجَ إحدى البنتين على أن يخدمَ الشيخ ثماني سنوات أو عشرًا.
وكانت هذه الزوجةُ معه عندما سار بأهلِه عائدًا إلى بلدِه وآنس نارًا، ثم تلقى عندها الوحي بالنبوةِ والرسالة، وأُيِّد بمعجزةِ العصا واليد، ولم يكن لهذه الزوجة ولا لأختِها أكثر من هذا الدور الذي شكَّلَ مرحلةً من مراحل حياة موسى - عليه السَّلام.
6- وفي مرحلةِ استقرارِ مُلك النبي سليمان - عليه السلام - وامتداد هذا الملك إلى حدٍّ ﴿ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ ﴾، ظهرت في السَّاحةِ امرأةٌ تحدَّثَ عنها القرآنُ وأطال الحديث، إنها ملكة سبأ "بلقيس"، تلك الملكة التي أُوتيت من كلِّ شيء ولها عرشٌ عظيم، كانت تحكمُ بلادَ اليمن "سبأ" في بيئةٍ وثنية، تعبد وقومُها الشمس، وعندما علم سليمان - عليه السلام - بهذه الحقائق أرسلَ إليها رسالةَ دعوةٍ يدعوها وقومها فيها إلى الانصياعِ لدولته: ﴿ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ ﴾ [النمل : 31]، وعرض عليهم الإسلامَ والتخلي عن عبادةِ الشمس: ﴿ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾، فهو لم يكن يهدف إلى التوسعِ في السُّلطان فقط، ولكن له هدفٌ آخر أسمى؛ ذاك هو نشر الإيمانِ بالله.
وهذه المرأة التي كانت بدايتها وثنية، كانت سياسية ماهرة، تعرفُ كيف تتعامَلُ مع ذوي السلطات، فأرسلت إلى سليمانَ هديةً ثمينة، وأموالاً تختبره بها: هل هو رجل سلطان ومادة، أو رجل مبدأ وعقيدة؟
ولكنه رفضَ هذه الرشوة فقال: ﴿ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ﴾ [النمل : 36]، ﴿ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ﴾ [النمل : 36 ، 37]، وهذا تهديدٌ حازم أرغمها على الحضور، وعرض عليها عرشَها الذي استحضره قبل وصولِها، وأدخل عليه بعضَ التعديلات السريعة ليختبرَ ذكاءها، فلم تنكرْه ولم تدَّعِه، بل قالت: ﴿ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾ [النمل : 42]، ثم اختبرها اختبارًا هامًّا ليحطمَ مفاهيمَها الوثنية بطريقةٍ علمية، فأدخلها الصَّرح، وهو بناء أرضه من زجاجٍ صقيل صاف تجري تحته المياه، فحسبته ماءً جاريًا أمامها، وظنتْ أنها سوف تخوضُ هذا المجرى المائي، فشمَّرت ثوبَها عن ساقيها لكي لا يبتل بالماء، وهنا تبيَّنَ لها أنَّ هناك موجوداتٍ لا تراها العين (الزجاج الصافي)، فقد خدعتها العينُ إذ رأت الماءَ ولم تر الزجاجَ فوقه، وإذا كانت تعبد الشمس لأنها تراها، فهناك الله الذي خلقَ الشمس ولا تدركه الأبصار، ولذكائها فهمت الفكرةَ، وهنا أعلنت خطأها، فقالت كلمةَ الحقِّ واعترفت بأنها ظلمتْ نفسَها؛ إذ كانت تعبد الشمسَ من دون الله؛ ﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل : 44]، وانتقلت بذلك من الوثنيةِ إلى دينِ التوحيد، بعد أن استعملَ سليمانُ - عليه السلام - معها طريقةً عملية، مستغلاًّ ما مكنه منه الله - تعالى - من صناعاتٍ وتقدم حضاري.
وهكذا صارت بلقيس امرأةً صالحة مؤمنة في موكبِ النِّساء المؤمنات اللاتي تحدَّثَ عنهنَّ القرآن.

السبت، 24 ديسمبر 2011

Women about whom the Qur'an spoke (2)

Women about whom the Qur'an spoke (2)
Sedqi Al Baik


Published On: 19/12/2011 A.D. - 23/1/1433 H. Visited: 56 times


Print Friendly Version Send to your friend Visitors CommentsPost a CommentFollow Comments



Full Text Increase Font SizeReset Font SizeDecrease Font Size
Share it





From Eve to the wife of Al `Aziz!

In previous article, I spoke about the evil women about whom the Glorious Qur'an spoke so that we can extract lessons and exhortation from them in this world as well as in the Hereafter. If their number is little, the number of righteous women about whom the Glorious Qur'an spoke are large, and they are all worthy that Muslim women would take them as an example to follow in their pious actions and great situations.


1- The first about whom the Glorious Qur'an spoke was our mother Eve whom the Qur'an did not mention by name, but mentioned her as the wife of our father Adam (Peace be upon him).


She was a comfort for her husband, and he found with her psychological stability and intimacy in Paradise. However, she played a great role besides Adam to leave Paradise and go down to the earth, as she bore trouble and hardship to get their basic needs after they had everything available in Paradise without trouble.


If the books of non-Muslims burden the responsibility of leaving Paradise to Eve alone by claiming that she ate from the tree and she had tempted Adam to disobey the commands of the Lord, the Glorious Qur'an made her a partner to Adam in the liability: "Then the Shaitân (Satan) made them slip there from (Paradise), and got them out from that in which they were. We said: "Get you down, all, with enmity between yourselves. On earth will be a dwelling place for you and an enjoyment for a time."" [Surat Al Baqarah: 36]. "Then Shaitân (Satan) whispered suggestions to them both in order to uncover that which was hidden from them of their private parts (before)." [Surat Al A`raf: 20].


Sometimes the Qur'an singles out Adam with liability; it says: "Then Shaitân (Satan) whispered to him, saying: "O Adam! Shall I lead you to the Tree of Eternity and to a kingdom that will never waste away?"" [Surat Taha: 120].


They shared the responsibility of eating from the tree and when they tasted the tree, their private parts were exposed and they deserved —by this violation to the command— to get out of Paradise to misfortune on the earth.


Therefore, the Islamic look to women and their human responsibility is not harsh as the view of the Jews and the Christians. Moreover, Islam and Muslims show great respect and appreciation to women and does not burden males with the full responsibility for the misfortune of mankind in the present life. Perhaps the misfortune and troubles of humans on earth developed the means and pushed forward to innovation and production of material civilization. Allah created the creation to inhabit them on earth and some of them lived therein more than others, so leaving Paradise is a crime against mankind because had it Adam and Eve stayed in Paradise, you would have found their offspring. If that exit was a punishment or an oppression committed by the spouses and in disobedience to Allah's Command and therefore they deserved the punishment. [This is the view of the Jews and the Christians]


2- Sarah and Hagar:

Of the women who were praised by the Glorious Qur'an was Sarah, the wife of Abraham (Peace be upon him) and Hagar, the mother of Ishmael.


As for Sarah, she was Abraham's relative and she believed in him and migrated with him to Palestine. The king of Egypt offered her a female servant to serve her, who was Hagar (the mother of Ishmael).


When she felt her old age and her menopause (as a barren old woman) and her love to her husband, she offered him her female slave to marry perhaps Allah would grant him a male child. Hagar became pregnant and begot Ishmael (peace be upon him) and Allah inspired Abraham to take Hagar and her son from Palestine to Hejaz (The region of western Arabia where Makkah and Madinah are located) to the uncultivated valley in Makkah. He did as Allah commanded him and not as mentioned in the Torah that Sarah felt jealous of Hagar and asked Abraham to take her and her child to the desert. The Torah said: Sarah saw the son of Hagar, the Egyptian, playing and said to Abraham: Expel this female slave and her son. The words were ugly in the eyes of Abraham because of his son, so Allah said to Abraham: These words should not be bad to you because of that boy and your slave girl.


Moreover, they spoke badly about Hagar by claiming that when she became pregnant, she belittled her mistress, so Sarah humiliated her, then she escaped.


It is strange how they spoke badly about two righteous women?! Hagar is the wife of Abraham who was a believing woman and her trust in Allah was limitless. When Abraham left her with her baby in an uncultivated valley (Makkah), she said to him: Did Allah command you with that? He said: Yes. She said: Then, He shall not put us to destruction. Sarah was a believing woman and the wife of Abraham was higher than behaving like this and how could she ask her husband to throw his only child and his mother into destruction! However, those who distort the Scriptures or write it with their own hands make (their mother) Sarah in a bad image.


Sarah was a believing woman, Abraham said to her while they were in Egypt: "By Allah, there is no one more believing on earth than you and me."


The angels showed up to her in the image of guests and gave her glad tiding of Isaac and that Isaac will beget Jacob, and she will see her grandson. The Glorious Qur'an glorifies her by narrating the story of angels in the Glorious Qur'an: "They said: Do you wonder at the Decree of Allâh? The Mercy of Allâh and His Blessings be on you, O the family [of Ibrâhîm (Abraham)]. Surely, He (Allâh) is All-Praiseworthy, All-Glorious." [Surat Hud: 73].


Would that honorable blessed woman carry the grudge of ordinary women against their fellow wives?


The weirdest thing is that Allah (may He be Exalted) —in their claims— responded to the desires of Sarah and refused the justice of Abraham and his mercy to his son. If the request was ugly in the eyes of Abraham, Allah says: "Do not see that bad for the sake of the child and your slave girl!"


The scribes of Torah considered the expel of Abraham to Hagar and her son Ishmael to Faran (Makkah) a response for the jealousy of Sarah. As for Muslims, they hold the same vision of the Messenger (peace be upon him) who said that Abraham took them as a response to the command of Allah who asked Abraham to take her to His House to establish Salah. How a big difference between the view of Muslims to Sarah and Hagar and the lower view of the Torah scribes to them!


3- The wife of Al `Aziz:

That woman about whom the Glorious Qur'an spoke in many Ayahs in Surat Yusuf. She was a rich woman, used the power of authority, and enjoyed the joys of life: lawful and unlawful. So, there is no moral hindrance to stop her from proposing herself to her slave boy Joseph, but he broke her pride by his chastity and piety and accused him of committing sins. Her temptation to him increased when the news spread to the women of the city, thereupon she plotted against him to cast him into prison because he refused to answer the call. However, after some years, she spoke frankly mixed by regret, confession of the guilt, and penitence to clear the name of Joseph (Yusuf) (Peace be upon him). "(The King) said (to the women): "What was your affair when you did seek to seduce Yûsuf (Joseph)?" The women said: "Allâh forbid! No evil know we against him!" The wife of Al-'Azîz said: "Now the truth is manifest (to all); it was I who sought to seduce him, and he is surely of the truthful."" [Surat Yusuf: 51].


It is a confession of guilt and acquittal for the one whom she accused and cast him into prison and added to that the justification, her repentance, and going back to the truth. She respects him saying: "[Then Yûsuf (Joseph) said: "I asked for this enquiry] in order that he (Al-'Azîz) may know that I betrayed him not in (his) absence. [Surat Yusuf: 52], and another explanation is: "And, verily, Allâh guides not the plot of the betrayers." She drew back her plot and declared that Allah is the One who caused her plot to fail. That was a proof that she was a believing woman and Allah was Forgiving and Merciful to her. "except when my Lord bestows His Mercy (upon whom He wills). Verily, my Lord is Oft-Forgiving, Most Merciful." [Surat Yusuf: 53].


She did not forget to humble and acquit herself because oneself is inclined to evil: "And I free not myself (from the blame)."

Some exegeses indicated that at the end she married Joseph (Peace be upon him). There are lessons and admonition in the life of that woman for other women who are seduced by Satan and begin a crazy life that is full of sin and vice. However, no matter how many sins they committed and how much they wronged themselves, the way to Allah and to righteousness is wide open, and the mercy of Allah is ample and the wise cannot despair from it. The gates of repentance is open for every wrong doer to repent of his sins and start a new life which is full of faith, righteousness, and piety.

women about whom the quraan spoke

Women about whom the Qur'an spoke
Sedqi Al Baik



Published On: 20/11/2011 A.D. - 23/12/1432 H. Visited: 160 times



Allah (may He be Exalted) created Adam from clay then created all mankind from Adam and Eve (male and female).

Women are fundamental elements in the human existence and play a bigger role than men. Women carry children in their bellies, bear the pains of pregnancy and the pain of giving birth. Their effective role continues to serve food and care for children until they grow up, become powerful, and be self-sufficient.
In the Glorious Qur'an, women played a great role in directing and receiving the rulings, as they were mentioned in every field where work and reward were mentioned (for men and women) Allah (may He be Exalted) say: "Whoever works righteousness (whether male or female) while he (or she) is a true believer (of Islâmic Monotheism) verily, to him We will give a good life (in this world with respect, contentment and lawful provision), and We shall pay them certainly a reward in proportion to the best of what they used to do (i.e. Paradise in the Hereafter)." [Surat An-Nahl: 97].
Allah also says: "Verily, the Muslims (those who submit to Allâh in Islâm) men and women, the believers men and women (who believe in Islâmic Monotheism), the men and the women who are obedient (to Allâh), the men and women who are truthful (in their speech and deeds), the men and the women who are patient (in performing all the duties which Allâh has ordered and in abstaining from all that Allâh has forbidden), the men and the women who are humble (before their Lord - Allâh), the men and the women who give Sadaqât (i.e. Zakât, and alms), the men and the women who observe Saum (fast) (the obligatory fasting during the month of Ramadân, and the optional Nawâfil fasting), the men and the women who guard their chastity (from illegal sexual acts) and the men and the women who remember Allâh much with their hearts and tongues - Allâh has prepared for them forgiveness and a great reward (i.e. Paradise)." [Surat Al Ahzab: 35].
They take the same reward of men when doing righteous deeds, as they have the same punishment in this world and in the Hereafter.

Women are the sisters of men as the Messenger of Allah (peace be upon him) said.

Moreover, they are addressed by every command or forbiddance that is directed to Muslims. If they have that general presence in the general speech, some of them have been mentioned especially in some Ayahs of the Glorious Qur'an.
The Glorious Qur'an spoke about some righteous or unrighteous women and the number of women about whom the Glorious Qur'an spoke is 17: Three of them were unbelievers and fourteen of them were good believing women. As for the unbelieving women, they are:
1- The wife of Nuh (Noah):
There are indirect indications about her in the saying of Allah (may He be Exalted): "So We revealed to him (saying): "Construct the ship under Our Eyes and under Our Revelation (guidance). Then, when Our Command comes, and water gushes forth from the oven, take on board of each kind two (male and female), and your family, except those thereof against whom the Word has already gone forth. And address Me not in favour of those who have done wrong. Verily, they are to be drowned." [Surat Al Mu'minun: 27].

In Allah's saying: "Except those thereof against whom the Word has already gone forth." [Surat Al Mu'minun: 27], there is a general reference to those who did not believe in the call of Noah from his own family: His wife and his son as understood from another Ayah: "Allâh sets forth an example for those who disbelieve: the wife of Nûh (Noah) and the wife of Lût (Lot). They were under two of our righteous slaves, but they both betrayed them (their husbands by rejecting their doctrine). So they [Nûh (Noah) and Lût (Lot) peace be upon them] availed them (their respective wives) not against Allâh and it was said: "Enter the Fire along with those who enter!"" [Surat At-Tahrim: 10].
So, the wife of Noah was an example for those who disbelieved. Although she was the wife of Noah, she did not open her heart to his call and followed the errors of her people and her multiple idols; thereby she betrayed her husband and his call, and deserved two types of punishment:
First, a punishment in worldly life by drowning with the drowned.
And the second is in the Hereafter by admitting her to Hell-Fire.
This situation gives us a great lesson which is: Family relationship with a prophet or pious people does not avail in the Hereafter, therefore the Messenger (peace be upon him) addressed his kins saying:
"Do, for I can avail you nothing before Allah."
So, the relatives of the Prophet (Peace be upon him) and the relatives of the Companions or the relatives of pious people and scholars do not get benefit from their relationship with good people as long as Prophet Noah did not benefit his wife and could not stop her punishment. However, if the woman is a wife of a prophet and she is good, her reward -by the will of Allah- shall be doubled. Likewise, every person has a connection with pious people will not get a benefit unless his actions are good; however if the matter reached the state of disbelief, there will be no intercession.
2- The wife of Lot:
She was another example for those who disbelieved and being a wife of a prophet did not benefit her as long as she disbelieved in his message.

In this previous Ayah, she was judged by disbelief and she was mentioned clearly in eight Ayahs in several Surahs and she was judged in these Ayahs by deserving the torment of Alalh in worldly life and she will have the same torment of her people. "They (messengers) said: "O Lût (Lot)! Verily, we are the messengers from your Lord! They shall not reach you! So travel with your family in a part of the night, and let not any of you look back; but your wife (will remain behind), verily, the punishment which will afflict them, will afflict her." [Surat Hud: 81].
The rest Ayahs did not exclude her from the torment of Allah in worldly life although Allah undertook to rescue Lot and his family. Allah (may He be Exalted) says: "So We saved him and his family, except his wife. We destined her to be of those who remained behind." [Surat An-Naml: 57].
"Except his wife, of whom We have decreed that she shall be of those who remain behind (i.e. she will be destroyed)." [Surat Al Hijr: 60].
"Then We saved him and his family, except his wife; she was of those who remained behind (in the torment)." [Surat Al A`raf: 83]. [Surat Al `Ankabut: 22].
"Except your wife: she will be of those who remain behind (i.e. she will be destroyed along with those who will be destroyed from her folk)." [Surat Al `Ankabut: 33].
"Except an old woman (his wife) among those who remained behind." [Surat Ash-Shu`ara': 171]. [Surat As-Safat: 135].

3- The wife of Abu Lahab:
She was the wife of the Prophet's uncle (`Abdul-`Uzza) who used to harm the Messenger of Allah (peace be upon him) physically by spreading thorns in the way of the Messenger (Peace be upon him) while he was their neighbor and a moral harm when he commanded his sons to divorce the daughters of the Prophet.
That woman was known as Um Jamil the wood carrier as described in the Glorious Qur'an. Allah singled her out along with her husband with a short Surah which is Surat Al Masad: "Perish the two hands of Abû Lahab (an uncle of the Prophet) and perish he! * His wealth and his children will not benefit him! * He will be burnt in a Fire of blazing flames! * And his wife, too, who carries wood (thorns of Sa'dân which she used to put on the way of the Prophet peace be upon him, or used to slander him). * In her neck is a twisted rope of Masad (palm fiber)." [Surat Al Masad: 1- 5].
If the wife of Noah (Peace be upon him) represents those who disbelieved in the beginning of creation, the wife of Lot represents those who disbelieved in the middle of creation, and the wife of Abu Lahab and her husband represent those who disbelieved in Allah and His Messenger and harmed the Messenger (peace be upon him) in the end of creation; and she deserves her share of Hell-Fire in the Hereafter.
Furthermore, the connection of Abu Lahab with the Messenger of Allah (Peace be upon him) will not avail him nor the good actions which he did before people, such as: Freeing the female slave which gave him the news of the birth of Prophet Muhammad (peace be upon him) and his concern to protect the Messenger of Allah (peace be upon him) after the death of his uncle Abu Talib.
As long as those actions took place while he was non-Muslim, they shall be wasted.
Thus, we reviewed the three models of unbelieving women whom Allah mentioned in the Glorious Qur'an, and their final consequence will be punishment in the Hereafter and lessons for the heedless people.

نساء تحدث عنهن القرآن 2

نساء تحدث عنهن القرآن (2)
صدقي البيك



تاريخ الإضافة: 19/12/2011 ميلادي - 23/1/1433 هجري




نساء تحدث عنهن القرآن (2)
من حواء إلى امرأة العزيز!

تعرضتُ في عددٍ سابق إلى النساء الطالحات اللاتي تحدث عنهنَّ القرآنُ الكريم؛ لنأخذ من مآلهنَّ في الدنيا والآخرة العظةَ والعِبْرة، وإذا كان عددهنَّ قليلاً فإنَّ عدد النساء الصالحات اللاتي تحدث عنهنَّ القرآنُ الكريم كبير، وهن جميعًا جديرات بأن تتخذهنَّ المسلمات قدوةً لهن في أعمالهن الصالحة ومواقفهن العظيمة.

1- وأول من تحدَّثَ عنها القرآنُ الكريم منهنَّ أمنا حواء:
التي لم يذكرها القرآنُ الكريم بالاسم، إنما ذكرها على أنها زوجُ أبينا آدم - عليه السلام.
وقد كانت سكنًا لزوجها، وجد عندها الاستقرارَ النفسي والمودة في الجنة، وكان لها دورٌ إلى جانب دور آدم في الخروج من الجنة والهبوط منها للعيش في الأرض، مع تحملِ العناء والشقاء في سبيل الحصول على حاجاتهما الضرورية، بعد أن كان ذلك موفرًا لهما في الجنة من غيرِ شقاء.
وإذا كانت كتبُ غيرِ المسلمين تحمل حواء وحدها المسؤولية في هذا الخروج، فتدَّعي أنَّها هي التي أكلت، وهي التي أغرتْ وأغوت آدمَ على مخالفة الأمر الإلهي، فإنَّ القرآنَ الكريم يجعلهما شريكين في المسؤوليةِ عن هذه المخالفة ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ﴾ [البقرة : 36]، ﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا ﴾ [الأعراف : 20]، وأحيانًا يفردُ آدم بالمسؤولية، فيقول: ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ﴾ [طه : 120]، واشتركا في مسؤولية الأكل فأكلا منها، ولما ذاقا الشجرةَ بدت لهما سوءاتُهما، واستحقَّا بهذه المخالفةِ الإخراج من الجنَّةِ والشقاء في الأرض.
ولذلك فإنَّ النظرةَ الإسلامية إلى المرأةِ ومسؤوليتها الإنسانية ليست بحدةِ نظرة اليهود والنصارى، ويكنُّ الإسلامُ والمسلمون للمرأة كلَّ احترام وتقدير، ولا يحمل الذكورُ الإناثَ المسؤوليةَ الكبرى في شقاء البشرية في الحياة الدنيا، ولعلَّ شقاء الإنسان وتعبه في الأرض هو الذي طوَّرَ الوسائلَ، ودفع إلى الابتكار وإنتاج الحضارة المادية، والله خلق الخلقَ ليستعمرَهم في الأرض، وقد عمرها بعضُهم أكثر من بعض، فلا ينبغي أن يحسبَ الخروج من الجنَّةِ جريمة بحقِّ البشرية التي لم يكن لها أن توجدَ لو بقي آدم وزوجه في الجنة، وإن كان هذا الإخراجُ عقوبةً على ظلمٍ وقع فيه الزوجان ومخالفة لأمر الله استحقَّا عليها هذه العقوبة.
2- سارة وهاجر:
ومن النساءِ اللواتي أثنى عليهنَّ القرآنُ الكريم سارة، زوج إبراهيم الخليل - عليه السلام - وهاجر أم إسماعيل.
أمَّا سارة فهي من قريباتِ إبراهيم - عليه السلام - وقد آمنتْ وهاجرت معه إلى فلسطين، وقد قدَّمَ لها ملك مصر امرأةً لتخدمَها وتكون جارية لها؛ هي هاجر (أم إسماعيل)، وعندما أحستْ بتقدمِ سنِّها وبلوغها سن اليأس (عجوز عقيم) - ولحبِّها لزوجِها - زوَّجته من جاريتها لعلَّ الله يرزقه منها غلامًا، وقد كان ذلك، فقد حملت هاجر وولدت لإبراهيم إسماعيل - عليهما السلام - وأوحى الله إلى إبراهيم ما أوحى، فأخذ هاجرَ وابنَها إسماعيل من فلسطين إلى الحجازِ إلى الوادي غير ذي الزرع، إلى حيث مكة الآن، كما أمره الله - تعالى، وليس كما تقولُ التوراة متجنِّية على سارة؛ بأنَّها غارتْ منها، فطلبتْ من إبراهيم أن يطردَها ويرميها في برية بئرِ السَّبع، فهم يقولون في التوراة: "ورأت سارةُ ابنَ هاجر المصرية يمزح، فقالتْ لإبراهيم: اطرد هذه الجاريةَ وابنَها، فقبح الكلام جدًّا في عيني إبراهيم بسبب ابنه، فقال الله لإبراهيم: لا يقبح في عينيك من أجلِ الغلام ومن أجل جاريتك"!
كما أنهم يسيئون لهاجر، فيزعمون أنها "لما رأت أنها حبلت صغرت مولاتها في عينيها، فأذلتها ساراي، فهربت من وجهها"، عجبًا كيف يسيئون لامرأتين صالحتين، فهاجر زوجة إبراهيم وهي امرأةٌ مؤمنة بالله وثقتُها به عظيمة، فهي عندما تركها إبراهيمُ مع رضيعِها في وادٍ غير ذي زرع (مكة) قالت له: آلله أمرَكَ بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيعُنا، وسارة امرأةٌ مؤمنة، وزوجةُ أبي الأنبياء أجلُّ وأسمى من أن تتصرَّفَ هذا التصرف، وتطلب من زوجِها أن يلقيَ في المهالك ولدَه وحيده يومئذ، وأمَّه! ولكن الذين يحرِّفون الكتابَ أو يكتبونه بأيديهم، يجعلون (أمَّهم) سارة بهذا الخلق السيئ، وهذا ديدنهم.
فسارةُ مؤمنة، يقول لها إبراهيم وهما في مصر: "والله ما على الأرضِ مؤمن غيري وغيرك"، وتظهرُ لها الملائكة - ضيف إبراهيم - بصورةِ الضيوف، ويبشرونها بإسحاق، ومن وراءِ إسحاق يعقوب، ولدًا لها تقرُّ به عينُها، وتسعد بحفيدِها منه، ويمجدها القرآنُ الكريم بمخاطبةِ الملائكة لها؛ ﴿ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هود : 73]، هذه المرأة الكريمة المباركة تحملُ أحقادَ النِّساء العاديات على ضرائرهن؟! وأغرب من ذلك أنَّ الله تعالى - في ادعائهم - يستجيبُ لأهواءِ سارة، ويرفض عدالة إبراهيم ورحمته بابنه، فإذا قبح طلبها في عيني إبراهيم فالله يقولُ له: لا يقبح (ذلك) في عينيك من أجلِ الغلام ومن أجل جاريتك!
وكاتبو التوراة يرون في أخذِ إبراهيم لهاجر وابنها إسماعيل إلى فاران (مكة) طردًا استجابةً لغيرة سارة، وأمَّا المسلمون فيرون كما قال الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه أخذها إلى هناك استجابةً لأمرِ الله الذي طلبَ منه أن يسكنَها عند بيتِه المحرم ليقيموا الصلاة، فما أكبر الفرق بين نظرةِ المسلمين إلى هاجر وسارة وتقديرهم لهما، وبين النَّظرةِ الدنيَّة لكتبةِ التوراة إليهما.

3- امرأة العزيز:
وهذه امرأةٌ شغل الحديث عنها آيات كثيرة من سورة يوسف، إنها امرأة كانت ترفلُ في ثيابِ الترف والنعيم، وتتسلح بقوةِ السلطان، وتنهل من متعِ الحياة؛ حلالها وحرامها، فلا يمنعها مانعٌ أخلاقي من مراودةِ فتاها يوسف في صباه وجماله، ويحطم كبرياءها بعفتِه وورعه، فتتهمه بما ترتكبُه من إثم، وتزداد إصرارًا على إغوائه عندما يشيعُ خبرُها بين نساءِ المدينة، فتحيك له المؤامرةَ معهنَّ حتى يدخلنه السِّجن، لامتناعه عن مطاوعتهنَّ على الرذيلة، ولكنَّها وبعد بضعِ سنين تقف موقفًا فيه جرأة وصراحة، وفيه ندم واعتراف بالذَّنب (وتوبة)، وتبرئة لساحةِ يوسف - عليه السلام.
﴿ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [يوسف : 51]، إنه اعترافٌ بالذنب وتبرئة لمن اتهمته وأدخلته السجن بريئًا، وزادت على ذلك أنْ علَّلتْ موقفَها هذا وعودتها إلى الحقِّ والصواب، فهي تكنُّ له كلَّ احترامٍ وتقدير، فتقول: ﴿ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ﴾ [يوسف : 52]، وتعليل آخر تورده: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴾، فهي تتراجعُ عن كيدِها ومؤامرتها عليه، وتعلن أنَّ الله هو الذي أحبطَ كيدَها، وهذا دليلٌ على أنها مؤمنةٌ بالله، وأنَّ الله غفورٌ رحيم وهو ربها؛ ﴿ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف : 53]، ولا تنسى أن تتواضعَ وتنفي عن نفسِها البراءة؛ لأنَّ النفسَ أمارة بالسوء: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ﴾.
وبعضُ التفاسير تشيرُ إلى أنَّها في النهايةِ تزوجها يوسف - عليه السلام - ففي حياةِ هذه المرأة عبرةٌ ودرس لمن يغويهنَّ الشيطان، فيبدأن حياةَ مجون ورذيلة وكيد وقذف واتهام، فمهما أسرفنَ على أنفسهنَّ، فالطريق إلى الله وإلى الصَّلاحِ واسع مفتوح، ورحمة الله واسعة لا يقنتُ منها العاقلات، وباب التوبة مفتوح تلجه كلُّ ذاتِ لبٍّ بعد أن تقرَّ بالخطأ وتتراجع عنه وتصدق نيتَها، وتبدأ حياة جديدة كلها إيمان وصلاح وتقوى وورع.
________________________________________


ترتيب التعليقات
1- نحو قراءة تاريخية مُنصفة
عائشة الحكمي 19/12/2011 10:22 PM
جُزي الأخ الكاتب/صدقي البيك خير الجزاء على هذا المقال المحرِّض للتلاقح التاريخي، وعليه فليسمح لي الأستاذ المبارك مشكورًا بإبداء بعض الملاحظات والإضافات لإتمام الفائدة:

أولاً: أمنا حواء عليها السلام
ورد في سفر التَّكوين – الإصحاح الثالث: (وكَانَتِ الْحَيَّةُ أحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإلَهُ فَقَالَتْ لِلْمَرْأةِ: «أحَقّا قَالَ اللهُ لا تَأكُلا مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟»* فَقَالَتِ الْمَرْأةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأكُلُ»* وَأمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لا تَأكُلا مِنْهُ وَلا تَمَسَّاهُ لِئَلَّا تَمُوتَا».*فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأةِ: «لَنْ تَمُوتَا!»* بَلِ اللهُ عَالِمٌ أنَّهُ يَوْمَ تَأكُلانِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ»* فَرَأتِ الْمَرْأةُ أنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأكْلِ وَأنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأكَلَتْ وَأعْطَتْ رَجُلَهَا أيْضا مَعَهَا فَاكَلَ*فَانْفَتَحَتْ أعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأنْفُسِهِمَا مَآزِرَ) - (1-7)

وعليه فإن الفوارق بين القصتين القرآنية والتوراتية تتمثل في النقاط التالية:
1.الشيطان هو الذي أغوى آدم وحواء (القرآن)، والحية هي التي أغوت حواء (العهد القديم)
2.أطاع آدم وحواء الشيطان (القرآن)، وأطاعت حواء الحية (العهد القديم)
3.أكل آدم وحواء من الشجرة (القرآن)، أكلت حواء من الشجرة وأطعمت آدم فأكل معها (العهد القديم).

ثانيًا: سارة وهاجر عليهما السلام:
قصة غيرة سارة من هاجر لم ترد في كتب القوم وحسب بل وردت في أصح كتب المسلمين، فقد أخرج البخاري عن سعيد بن جبير قال ابن عباس: (أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعها عند البيت، قال ابن حجر في "فتح الباري" : (وكان السبب في ذلك أن سارة كانت وهبت هاجر لإبراهيم فحملت منه بإسماعيل فلما ولدته غارت منها فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء فاتخذت هاجر منطقًا فشدت به وسطها وهربت وجرت ذيلها لتخفي أثرها على سارة، ويقال: إن إبراهيم شفع فيها وقال لسارة: حللي يمينك بأن تثقبي أذنيها وتخفضيها، وكانت أول من فعل ذلك، ووقع في رواية بن علية عند الإسماعيلي أول ما أحدث العرب جر الذيول عن أم إسماعيل وذكر الحديث ويقال: إن سارة اشتدت بها الغيرة فخرج إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الرد على المنطقيين" : (وإسحاق بُشِّرت به سارة أيضًا لمَّا غارت من هاجر) وقال أيضًا في " منهاج السُّنَّة النبوية - الجزء الخامس": (والبشارة بإسحاق وقعت لسارة وكانت قد غارت من هاجر لمَّا ولدت إسماعيل وأمر الله إبراهيم أن يذهب بإسماعيل وأمه إلى مكة).

وذكر ابن القيِّم في "روضة المُحبين" هذا الخبر المروي عن (الواقدي عن محمد بن صالح عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال: كانت سارة عند إبراهيم فمكثت معه دهرًا لا ترزق منه ولدًا، فلما رأت ذلك وهبت له هاجر أمتها فولدت لإبراهيم فغارت من ذلك سارة ووجدت في نفسها وعتبت على هاجر، فحلفت أن تقطع منها ثلاثة أعضاء فقال لها إبراهيم: هل لك أن تبر يمينك؟ قالت: كيف أصنع؟ قال: اثقبي أذنيها واخفضيها، والخفض هو الختان ففعلت ذلك بها فوضعت هاجر في أذنيها قرطين فازدادت بهما حسنًا فقالت سارة: إنما زدتها جمالاً فلم تقاره على كونها معه ووجد بها إبراهيم وجدًا شديدًا فنقلها إلى مكة فكان يزورها كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها وقلة صبره عنها).

وقال في "زاد المعاد- الجزء الأول": (فإن سارة امرأة الخليل - عليه السلام - غارت من هاجر وابنها أشد الغيرة، فإنها كانت جارية، فلما ولدت إسماعيل وأَحبَّه أبوه، اشتدت غيرة "سارة"، فأمر اللّه – سبحانه - أن يُبعد عنها "هاجر" وابنها، ويسكنها في أرض مكّة لتبرد عن "سارة" حرارةُ الغيرة، وهذا من رحمته تعالى ورأفته).

فمسألة الغيرة ليست قدحًا ولا عيبًا في حق سارة - عليها السلام - لأن الغيرة من طبيعة المرأة ومن كمال حبها لزوجها فليس فيها نقصًا لإيمانها أو كمالها، ولعل من دوافع هذه الغيرة ما ذكره ابن القيِّم في "روضة المحبين ونزهة المشتاقين" حين قال: (قالوا: وقد كان عند إبراهيم خليل الرحمن أجمل النساء سارة ثم تسرى بهاجر وكانت المحبة لها، قال سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-: كان إبراهيم الخليل يحب سريته هاجر محبة شديدة وكان يزورها في كل يوم على البراق من الشام من شغفه بها)، وقد غارت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - والأحاديث في ذلك مستفيضة.

وعن خُلق سارة – عليها السلام - ذكر السيوطي عند ترجمته لعمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في كتابه "تاريخ الخلفاء": (عن جابر بن عبد الله أنه جاء إلى عمر يشكو إليه ما يلقى من النساء، فقال عمر: إنا لنجد ذلك، حتى إني لأريد الحاجة فتقول لي: ما تذهب إلا إلى فتيات بني فلان تنظر إليهن، فقال له عبد الله بن مسعود: أما بلغك أن إبراهيم - عليه السلام - شكا إلى الله خلق سارة، فقيل له: إنها خلقت من ضلع، فألبسها على ما كان فيها ما لم تر عليه خربة في دينها؟)

ثالثًا: امرأة العزيز:
ما ذكره بعض المفسرين من زواج يوسف – عليه السلام - بامرأة العزيز ليس عليه دليل لا من الكتاب ولا من السنَّة، ولذلك قال ابن كثير في "تفسيره": (وما قصه كثير من المفسرين وغيرهم فعامتها أحاديث بني إسرائيل, فما وافق منها الحق, مما بأيدينا عن المعصوم, قبلناه لموافقته الصحيح, وما خالف شيئًا من ذلك رددناه, وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة لا نصدقه ولا نكذبه بل نجعله وقفًا, وما كان من هذا الضرب منها فقد رخص كثير من السلف في روايته, وكثير من ذلك مما لا فائدة فيه ولا حاصل له مما لا ينتفع به في الدين, ولو كانت فائدته تعود على المكلفين في دينهم لبينته هذه الشريعة الكاملة الشاملة, والذي نسلكه في هذا التفسير الإعراض عن كثير من الأحاديث الإسرائيلية لما فيها من تضييع الزمان, ولما اشتمل عليه كثير منها من الكذب المروج عليهم, فإنهم لا تفرقة عندهم بين صحيحها وسقيمها, كما حرره الأئمة الحفاظ المتقنون من هذه الأمة)، ومن ثمَّ كان من الأولى أيُّها الأستاذ الكريم أن تعرض عن ذكر هذه الإشارة لفسادها عقلاً ونقلاً.
والله من وراء القصد.1

الأحد، 20 فبراير 2011

نساء تحدث عنهن القرآن

نساء تحدث عنهن القرآن

تاريخ الإضافة: 12/2/2011 ميلادي - 8/3/1432 هجري   زيارة: 106     
  
خلق الله - تعالى - آدمَ من طين، ثم جعل نسل البشرية كلها من آدم وحوَّاء (ذكر وأنثى)، فالمرأة عنصر أساس في الوجود البشري، ولها شأن في ذلك أكبر من دور الرجل؛ فهي التي تحمل أفراد البشرية في بطنها، وهي التي تتحمَّل الآلام في هذا الحمل، ومن ثَمَّ عند الوضع، ويستمرُّ دورها الفعَّال والمتميِّز بتقديم الغذاء والرعاية والعناية بالصِّغار؛ حتى تشتدَّ أعوادهم وتَقْوَى سواعدهم ويستغنوا عن الرعاية.
 وقد كان للمرأة في القرآن الكريم دَوْرٌ في توجيه الأحكام إليها وتلقِّيها لهذه الأحكام الإلهيَّة، كما أن لها ذكرًا في كلِّ مجالٍ يذكر فيه العمل والأجر (للرجل والمرأة) فالله - تعالى - يقول: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97].
 وكذلك يقول: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35].
 فهنَّ مثْل الرِّجال في الأعمال الصالحة وفي الأُجُور والجزاء في الدنيا والآخِرة، فالنساء شقائق الرجال كما قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بل هن مُخاطَبات في كلِّ أمرٍ أو نهي يُوَجَّه إلى الناس أو إلى المسلمين أو المؤمنين أو الذين آمَنوا - من باب تَغلِيب الرجال على النساء في اللغة - وإذا كان لهنَّ هذا الحضور العامُّ في كلِّ خطابٍ للناس فإن لبعضهنَّ حضورًا خاصًّا في بعض آيات القرآن الكريم.
 فقد تحدَّث القرآن الكريم حديثًا خاصًّا عن بعض النساء الصالحات أو غير الصالحات، وخصَّهن بالذِّكر، وقد بلغ عدد النساء اللاتي تحدَّث القرآن الكريم عنهنَّ حديثًا خاصًّا وبذكر الاسم أو الصفة سبع عشرة امرأة، ثلاث منهن كافرات طالِحات، وأربع عشرة منهن مؤمِنات صالحات، أمَّا النساء الكافرات الطالحات فهن:
 1-امرأة نوح:
وردَتْ إشارات غير مباشِرة عنها في قول الله - تعالى -: ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ [المؤمنون: 27].
ففي قوله - تعالى -: ﴿ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ﴾ [المؤمنون: 27]، إشارة عامَّة إلى الذين لم يؤمنوا بدعوة نوحٍ - عليه السلام - من أهله؛ وهما ابنه وامرأته، كما يُفهَم ذلك من آيات أخرى صرَّحت بذكر امرأة نوح، وذلك في قوله - تعالى -: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ [التحريم: 10].
 فامرأة نوح مثَلٌ للذين كفروا، وهي على رغم كونها زوجة لَصِيقة بزوجها نوح، لم تفتح قلبها لدعوته، وبقِيَتْ على ضلالات قومها، وتعلُّقها بأصنامهم المتعدِّدة، وكانت بذلك قد خانَتْ زوجها ودعوته، واستحقَّت بذلك عقوبتين:
 الأولى:في الدنيا إذ غرقت مع الغارقين.
 والثانية:في الآخرة؛ فكانت من أهل النار.
 ولنا في هذا الموقف عِظَة وعبرة كبيرة، فإن الصلة الأسرية بالنبي أو بالصالحين من عِبَاد الله لا تُعطِي صاحبها أفضليَّة على الآخَرين ولا درجةً ولا قبولاً في الآخرة؛ ولذلك قال الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - مُخاطِبًا ذوي قرابته: ((... اعملوا؛ فإني لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا)).
 فأقرباء النبي - عليه السلام - وأقرباء الصحابة أو ذوو الشأن والعُلَماء، لا يُغنِي عنهم هؤلاء من الله شيئًا، ما دام نبي الله نوح لم يغنِ عن زوجته شيئًا، ولم يمنع عنها عذاب الله، أمَّا إذا كانت مؤمنة صالحة وهي زوجةٌ لنبيٍّ فسيكون أجرها - بإذن الله - مضاعفًا، وكذلك كلُّ مَن له صلة قرابة بالصالحين لا يستغني بهم عن عمله الصالح أبدًا، وإذا وصل الأمر إلى حدِّ الكفر فلن تكون له شفاعة.
 2-امرأة لوط:
وهي مثَلٌ آخَر للذين كفروا، ولم يغنِ عنها كونها زوجة لنبيٍّ من أنبياء الله ما دامَتْ غير مؤمنة برسالته، وهي في هذه الآية السابقة حكم عليها بالكفر صراحة، وقد ورد ذكرها بصورة واضحة في ثماني آيات أُخرَيَات من سُوَرٍ متعدِّدة، وكلها يحكم عليها فيها بعدم السلامة من عذاب الله في الدنيا، وأنها سيُصِيبها ما يُصِيب قومها من عذاب الله ﴿ ... فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ...﴾ [هود: 81].
 والآيات الباقيات تجعلها مُستَثناةً من النجاة من عذاب الله في الدنيا، فقد تكفَّل الله للوطٍ وأهله بالنجاة؛ قال الله - تعالى -: ﴿ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [النمل: 57]، ﴿ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [الحجر: 60]، ﴿ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [الأعراف: 83] [العنكبوت: 22]، ﴿ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [العنكبوت: 33]، ﴿ إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الشعراء: 171]، [الصافات: 135].
 3 -امرأة أبي لهب:
وهي زوجة عمِّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - (عبدالعُزَّى) الذي كان يُؤذِي رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتُشارِكه في ذلك زوجته، أذًى ماديًّا بنَثْرِ الشَّوْك في طريق الرسول - عليه السلام - وهو جارٌ لهم، وأذًى معنويًّا عندما عمِلاَ على تطليق ابنتيه اللتَين قد خطبتا لولديهما.
وهذه المرأة هي المعروفة بأمِّ جميل حمَّالة الحطب، كما وصَفَها القرآن الكريم، وقد خصَّها الله - تعالى - مع زوجها بإحدى قِصار السُّوَر وهي سورة المسد: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ [المسد: 1- 5].
 وإذا كانت امرأة نوح - عليه السلام - تُمَثِّل الذين كفروا في أوائل الجنس البشري، فإن امرأة لوطٍ تُمَثِّل هذه الطائفة الكافرة في أواسط الجنس البشري، وتأتي امرأة أبي لهب لتكون هي وزوجها مثلاً لِمَن يكفر بالله وبرسوله ويعمل على أذى الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في أواخر عمر الجنس البشري ليكون نصيبها في الآخِرة نار جهنم التي سيصليانها، ولن تغني عن أبي لهب قرابته من رسول الله - عليه السلام - وهو عمُّه، ولن تغني عنه أيضًا وعن زوجته بعض الأعمال التي ظاهِرُها في أعين الناس أنها خير؛ كإعتاقه جاريةً له عندما بشَّرَتْه بمولد محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهمُّه أن يحمي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد وفاة عمِّه أبي طالب.
 فهذه أعمالٌ غير صادِرَة عن إيمانٍ بالله؛ فهي إذًا هباء منثور، وهكذا نكون قد استعرضنا هذه النماذج الثلاثة لنساء كافرات خصَّهن الله بالذكر في القرآن الكريم؛ لتكون نهايتهن في الدنيا وعقابهن في الآخِرَة دروسًا وعظات يَعتَبِر بها أولو الأبصار.